وأما اعتذاره عمّن يرجع إلى الحاكم الجاهل أو الظالم أو المفضول ففيه نظر . أمّا أولاً : فلأن اللّه عز وجلّ يقول : ( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ . . . ) [1] وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : « أيّما رجل استعمل رجلاً على عشرة أنفس علم أن في العشرة أفضل ممن استعمل ، فقد غشّ اللّه وغشّ رسوله وغشّ جماعة المسلمين » [2] وقال صلّى اللّه عليه وآله : « من استعمل رجلاً من عصابة وفيهم من هو أرضى للّه منه ، فقد خان اللّه ورسوله والمؤمنين » [3] . وأمّا ثانياً : فلأن التحاكم إلى سلطان الجور ودفع الأموال إليه والصّلاة خلفه . . . تشييد لحكومته وتقوية لسلطانه ، وحينئذ يتمكن من الظلم والاستمرار في غصب الحق من أهله . وأمّا قوله : « وأهل السنّة يقولون : ينبغي أن يولّي الأصلح للولاية إذا أمكن ، إما وجوباً عند أكثرهم وإما استحباباً عند بعضهم ، وإن من عدل عن الأصلح مع قدرته لهواه فهو ظالم ، ومن كان عاجزاً عن تولية الأصلح مع محبته لذلك فهو معذور . ويقولون : من تولّى فإنه يستعان به على طاعة اللّه بحسب الإمكان ، ولا يعان إلا على طاعة اللّه ولا يستعان به على معصية اللّه ، ولا يعان على معصية اللّه تعالى » [4] . فيقال له : إن كان المراد من ( الولاية ) هو ( الإمامة ) فليس أمر الإمامة بيد الخلق فيولّوا الأصلح لها دون الصالح وغيره ، بل هي كالنبوة : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) [5] وعلى الأمة - وجوباً - الانقياد له كما ينقادون للنبي صلّى اللّه عليه
[1] سورة النساء : 60 . [2] كنز العمال 6 / 19 الحديث 14653 . [3] كنز العمال 6 / 25 رقم : 14678 . [4] منهاج السنة 1 / 551 . [5] سورة القصص : 68 .