وأن الأنبياء عليهم السّلام معصومون عن الخطأ والسهو والمعصية ، صغيرها وكبيرها ، من أوّل العمر إلى آخره ، وإلاّ لم يبق وثوق بما يبلغونه فانتفت فائدة البعثة ، ولزم التنفير عنهم . وأن الأئمة معصومون كالأنبياء عليهم السّلام في ذلك ، لما تقدّم . ولأن الشيعة أخذوا أحكامهم الفروعية عن الأئمة المعصومين عليهم السّلام الناقلين عن جدّهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، الآخذ ذلك من اللّه تعالى بوحي جبرئيل عليه السلام إليه ، يتناقلون ذلك عن الثقات خلفاً عن سلف ، إلى أن تتصل الرواية بأحد المعصومين عليه السلام . ولم يلتفتوا إلى القول بالرأي والاجتهاد ، وحرَّموا الأخذ بالقياس والاستحسان . أمّا باقي المسلمين ، فقد ذهبوا كلّ مذهب ، فقال بعضهم وهم جماعة الأشاعرة : إن القدماء كثيرون مع اللّه تعالى ، وهي المعاني التي يثبتونها موجودة في الخارج كالقدرة والعلم وغير ذلك ، فجعلوه تعالى مفتقراً في كونه عالماً إلى ثبوت معنى هو العلم ! وفي كونه قادراً إلى ثبوت معنى هو القدرة ، وغير ذلك ! ولم يجعلوه قادراً لذاته ، ولا عالماً لذاته ، ولا رحيماً لذاته ، ولا مدركاً لذاته ، بل لمعان قديمة يفتقر في هذه الصفات إليها ، فجعلوه محتاجاً ناقصاً في ذاته كاملاً بغيره ! تعالى اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً . واعترض شيخهم فخر الدين الرازي عليهم بأن قال : إن النصارى كفروا لأنهم قالوا إن القدماء ثلاثة ، والأشاعرة أثبتوا قدماء تسعة ! وقال جماعة الحشوية والمشبهة : إن اللّه تعالى جسمٌ له طولٌ وعرضٌ وعمقٌ ! وإنه يجوز عليه المصافحة ! وإن المخلصين من المسلمين يعانقونه في الدنيا ! وحكى الكعبي عن بعضهم أنه كان يجوِّز رؤيته في الدنيا ، وأن يزورهم ويزورونه !