طاعة من يستحق التقديم . وحيث حصلت للمسلمين هذه البليّة ، وجب على كلّ واحد النظر في الحق واعتماد الإنصاف ، وأن يقرّ الحق مقرّه ولا يظلم مستحقه ، فقد قال اللّه تعالى : ( أَلا لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) . وإنما كان مذهب الإمامية واجب الاتباع لوجوه : الأول لمّا نظرنا في المذاهب وجدنا أحقّها وأصدقها وأخلصها عن شوائب الباطل ، وأعظمها تنزيهاً للّه تعالى ولرسله ولأوصيائه عليهم السّلام ، وأحسنها في المسائل الأصولية والفروعية : مذهب الإمامية ، لأنهم : اعتقدوا أن اللّه تعالى هو المخصوص بالأزليّة والقدم ، وأن كلّ ما سواه مُحْدَثٌ ، لأنه واحد . وأنه ليس بجسم ولا في مكان ، وإلاّ لكان محدثاً ، بل نزّهوه عن مشابهة المخلوقات . وأنه تعالى قادر على جميع المقدورات ، وأنه عدل حكيم لا يظلم أحداً ولا يفعل القبيح ، وإلاّ لزم الجهل والحاجة تعالى اللّه عنهما . ويثيب المطيع لئلاّ يكون ظالماً ، ويعفو عن العاصي أو يعذّبه بجرمه من غير ظلم له . وأن أفعاله محكمة واقعة لغرض ومصلحة ، وإلاّ لكان عابثاً ، وقد قال : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ ) . وأنه تعالى غير مرئي ولا مدرك بشيء من الحواس ، لقوله تعالى : ( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ ) . وأنه ليس في جهة ، وأن أمره ونهيه وإخباره حادث ، لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره . وأنه أرسل الأنبياء عليهم السّلام لإرشاد العالم .