نعم ، عندما يكون الإمام الحق ذا قدرة وشوكة وسلطان ، تتحقق مصلحة جعل اللّه عز وجلّ إيّاه إماماً لعموم الخلق ، وإلا تحققت به مقاصد الإمامة بقدر ما بيده من القدرة والسلطان . ولكن الذين سلبوا أئمة الحق سلطانهم هم المسمّون ب « أهل السنّة » لا سيما أهل الشوكة منهم ، وهذا ما اعترف به الرجل حيث قال : « ومن المعلوم أن أهل السنّة لا ينازعون في أنه كان بعض أهل الشوكة بعد الخلفاء الأربعة يولُّون شخصاً وغيره أولى بالولاية منه . . . وحينئذ ، فأهل الشوكة الذين قدَّموا المرجوح وتركوا الراجح ، والذي تولّى بقوّته وقوّة أتباعه ظلماً وبغياً ، يكون إثم هذه الولاية على من ترك الواجب مع قدرته على فعله أو أعان على الظلم ، وأما من لم يظلم ولا أعان ظالماً وإنما أعان على البرّ والتقوى ، فليس عليه من هذا شيء . . » [1] . أقول : فإذا كان الأمر كذلك ، فكيف يفضِّل ( هؤلاء الملوك الظلمة ) كما وصفهم [2] على إمام من أئمة أهل البيت مع إساءة الأدب تجاهه والتهريج بمن يعتقد بإمامته ، فيقول : « وكلّ من تولّى كان خيراً من المعدوم والمنتظر الذي تقول الرافضة أنه الخلف الحجة ، فإن هذا لم يحصل بإمامته شيء من المصلحة لا في الدنيا ولا في الدّين أصلاً ، ولا فائدة في إمامته ، إلاّ الاعتقادات الفاسدة والأماني الكاذبة والفتن بين الأمة . . . بل هو معدوم » . فإن هذا الكلام لا يصدر إلا من متعصب عنيد أو معتوه لا يفقه ما يقول : أمّا أولاً : فلأن من كان ذا عقل أو دين ، لا يفضِّل يزيد بن معاوية وعبد الملك ابن مروان ، وهارون ، والمتوكل ، وأمثالهم ، على إمام ثبتت إمامته بالأدلّة القويمة التي
[1] منهاج السنة 1 / 550 . [2] المصدر 1 / 547 - 548 .