الخلفاء الأربعة وبقيتم بلا إمام ؟ وإن كانت مستمرة ، فمن الذي يجب أن يولَّي دون من سواه ويجب طاعته بعد الخلفاء ؟ وبمن تقتدون وتأتمّون بعد أولئك ؟ وبأي ملاك ؟ أبنصّ أو شورى أو بيعة عامّة ؟ . وسادساً : إن صريح كلماته في المواضع المختلفة ، يقتضي اعتقاده هو وأهل السنّة بإمامة بني أمية وبني العباس ، من ذلك قوله : « فليست هذه أقوال أئمة أهل السنّة ، بل الإمامة عندهم تثبت بموافقة أهل الشوكة عليهم ، ولا يصير الرجل إماماً حتى يوافقه أهل الشوكة . . . » . وبالجملة ، لقد تحاشى الرجل من أن يعترف بصراحة ووضوح بإمامة ملوك بني أمية وبني العباس ؛ لأن الالتزام بإمامة هؤلاء يستتبع الالتزام بلوازمها ، ثم إنا نسأله : من الذي مكَّن يزيد بن معاوية - مثلاً - من رقاب المسلمين ؟ ومن الّذي سلط من مكَّنه عليهم ؟ . ومع ذلك كلّه يقول الرجل : « ومن المعلوم أن الناس لا يصلحون إلا بولاة ، وأنه لو تولّى من هو دون هؤلاء من الملوك الظلمة لكان ذلك خيراً من عدمهم ، كما يقال : ستون سنة مع إمام جائر خير من ليلة واحدة بلا إمام . ويروى عن علي رضي اللّه عنه أنه قال : « لا بدّ للناس من إمارة برة كانت أو فاجرة . قيل له : هذه البرة قد عرفناها ، فما بال الفاجرة ؟ قال : يؤمن بها السبيل ويقام بها الحدود ويجاهد بها العدوّ ويقسّم بها الفئ » . ذكره علي بن سعيد في كتاب الطاعة والمعصية » [1] . وكأنه يتغافل عن أن البحث في الإمام الحق والإمامة الشرعيّة عن اللّه ورسوله ؛ لكونها خلافة ونيابة عنه . وبعبارة أخرى : إن الكلام في الإمام الذي أمر اللّه ورسوله بطاعته وترك معصيته في جميع أوامره ونواهيه ، لا فيمن تسلّط على رقاب المسلمين