السلام في حال من الأحوال . ثم إن عبد الرحمن احتال على علي عليه السلام بطريقة تمكّنه من العدول عنه إلى عثمان ، وذلك أنه لمّا عرض عليه الأمر اشترط عليه السير بسيرة الشيخين ، وهو يعلم بإبائه عن أن يُشرط له ذلك . . . فبايع عبد الرحمن عثمان وتبعه الآخرون . وهذا مذكور في جميع الكتب ولا يمتري فيه أحد . وبه يظهر ما في قول ابن تيمية : « عثمان لم يصر إماماً باختيار بعضهم ، بل بمبايعة الناس له ، وجميع المسلمين بايعوا عثمان بن عفّان ، لم يتخلّف عن بيعته أحد . . . فلمّا بايعه ذوو الشوكة والقدرة صار إماماً ، وإلاّ لو قدّر أن عبد الرحمن بايعه ولم يبايعه علي ولا غيره من الصحابة أهل الشوكة لم يصر إماماً . . . » [1] . قلت : أوّلاً : قد أشرنا إلى أن عمر قد جعل الأمر - في الحقيقة - إلى عثمان ، لأنه قد أحاله إلى رأي عبد الرحمن ، وهو يعلم بأن عبد الرحمن سوف لا يعدل عن عثمان ، وقد أشرنا إلى أنه قد زوى الأمر عن علي بأسلوب يتخيّل الناظر أن عليّاً هو الذي أغضى عن الأمر ! بل سنورد في محلّه من الكتاب بعض الشواهد القويّة على ما ذكرنا ، فانتظر . ثانياً : إن بيعة المسلمين لعثمان بن عفّان إنما كانت متابعة لما انتهى إليه الأمر ، وهم يظنّون أنه كان عن شورى حقيقة ، إذ لم يطّلع على واقع الحال إلا أفراد من بينهم أعداد سمعوا مناشدات أمير المؤمنين عليه السلام ، فكانوا من الموالين المقدّمين له على غيره ، كأبي الطفيل عامر بن واثلة الذي روى خبر المناشدة ، وعرف في كتب معرفة الصحابة بالولاء ؛ ولذا وصف بالتشيّع والرفض . ثالثاً : إن أهل الشورى ، وهم الصحابة أهل الشوكة . . . عدلوا عن عثمان فيما بعد وقاطعوه . . . وتلك قضاياهم مذكورة في التواريخ .