منهم » حرمة ترك ذلك ، بالإجماع . . . فلا يكوننّ هذا ونحوه دليلاً على أن الإمارة بيد الناس ، وأنها تتحقق لكلّ من أمّروه سواء كان عادلاً أو فاسقاً ، فبطل الاستدلال بالحديث لما ذهب إليه وقال : « فإذا أمّره أهل القدرة منهم صار أميراً » . وأمّا ما حكاه عن أحمد ، فهو على فرض صدوره وظهوره فيما يدّعيه ، باطل بالوجوه المذكورة . على أن ما حكاه ثانياً عنه شاهد بعدم صحّة النقل الأول عنه ؛ لأن التعريف الذي ذكره لا يصدق على ( من غلب المسلمين بالسيف براً كان أو فاجراً ) فأيّ إمام من الأئمة ( أجمع عليه المسلمون ، كلّهم يقول هذا إمام ) ، وكان قد غلبهم بالسيف وهو فاجر ؟ أن هذا غير جائز وغير واقع . ثم قال هذا الرجل : « والكلام هنا في مقامين أحدهما : في كون أبي بكر كان هو المستحقّ للإمامة وأن مبايعتهم له ممّا يحبّه اللّه ورسوله . فهذا ثابت بالنصوص والإجماع . والثاني : أنه متى صار إماماً فذلك بمبايعة أهل القدرة له » . أقول : هذا الكلام ليس هنا موضعه ، بل سيأتي بالتفصيل ، وإنما أشار العلاّمة في هذا المقام إلى مبنى القوم في انعقاد الإمامة . وأمّا البحث التفصيلي عن إمامة الثلاثة فليس في مقامين بل مقامات . وأمّا « كون أبي بكر كان هو المستحق للإمامة » فأوّل الكلام ، ومن الضروري البحث أوّلاً : عن أن الإمامة تحصل بالتفضّل أو الاستحقاق ؟ ، ثم عمّا لا بدّ من اتصاف الشخص به من الأوصاف أو توفّره فيه حتى يكون إماماً ، ثم نرى هل كان أبو بكر كذلك حتى يكون هو الإمام ؟ وأمّا « أن مبايعتهم له ممّا يحبّه اللّه ورسوله » فهل مرجع الضمير خصوص ( أهل الشوكة ) أو ( عموم المسلمين ) ؟ إن كان المراد الأوّل ، فقد عرفت ما فيه ، وإن كان المراد الثاني ، فهو كذب . والظاهر أنه يريد الأوّل ، لاعترافه بعد ذلك بأنه « لو قدّر أن بعض الناس كان كارهاً للبيعة لم يقدح ذلك في مقصودها » وقال : « وأمّا أبو بكر فتخلّف عن