وأمّا قوله : « بل الإمامة عندهم تثبت بموافقة أهل الشوكة عليها . . . » ففيه : أوّلاً : أنه ظاهر في عدم لزوم النص ، ولا أقلّ من ظهوره بل صراحته في عدم كفاية النص لانعقادها . وثانياً : إنه لا فرق بين ما نسبه إلى ( أهل السنة ) وما نسبه إلى ( أهل الكلام ) ، إذ ليس المراد من ( أهل الشوكة ) إلا ( أهل الحلّ والعقد ) في اصطلاح أهل الكلام ، فلا يريد القائل بانعقادها بموافقة واحد مطلق الواحد ولو من سوقة المسلمين الذين لا أثر لبيعة الآلاف منهم . . . ويوضّح ذلك قوله : « فالإمامة ملك وسلطان ، والملك لا يصير ملكاً بموافقة واحد ولا اثنين ولا أربعة ، إلاّ أن تكون موافقة هؤلاء تقتضي موافقة غيرهم ، بحيث يصير ملكاً بذلك ، وهكذا كلّ أمر يفتقر إلى المعاونة عليه لا يحصل إلا بحصول من يمكنهم التعاون عليه » . وثالثاً : إن الإمامة ما هي إلاّ نيابة عن النبوّة في كلّ ما هو من شؤونها ، وهل تتوقف النبوّة على موافقة أهل الشوكة ؟ . إنه لو تمّ ما ذكره ، لزم إنكار نبوّة الأنبياء الذين لم يوافقهم أهل الشوكة بل حاربوهم وقتلوهم . ورابعاً : إن المقصود من الإمامة استمرار وظائف النبوّة ، يقوم بها الإمام نيابة عن النبي صلّى اللّه عليه وآله ، ومن الواضح أن هذا المقصود لا يعتمد على القدرة والسلطان ، بل القدرة والسلطان من أسباب حصوله ، وهذا صريح الآية المباركة : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) [1] . وخامساً : إن أمر النبي صلّى اللّه عليه وآله بتأمير المسافرين أحدهم إرشادي ، وليس معنى قوله فيما روي عنه : « لا يحلّ لثلاثة يكونون في سفر إلا أن يؤمّروا واحداً