وهل من عاقل يرتضي هذا القول ؟ ! وكيف ظهر لهذا القائل ما خفي على أولئك القوم ؟ ! . هذا . . . ويناقضه ما جاء بعده من أن « التحقيق : أن النبي صلّى اللّه عليه وآله دلّ المسلمين على استخلاف أبي بكر ، وأرشدهم إليه بأمور متعدّدة من أقواله وأفعاله ، وأخبر بخلافته إخبار راض بذلك حامد له ، وعزم على أن يكتب بذلك في مرضه يوم الخميس ، ثم لما حصل لبعضهم شكّ هل ذلك القول من جهة المرض أو هو قول يجب اتباعه ، ترك الكتابة اكتفاء بما علم أن اللّه يختار والمؤمنون من خلافة أبي بكر ، فلو كان التعيين ممّا يشتبه على الأمّة لبيّنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بياناً قاطعاً للعذر ، لكن لمّا دلّهم دلالات متعدّدة على أن أبا بكر هو المتعيّن وفهموا ذلك ، حصل المقصود . . . ولم ينكر ذلك منهم منكر ، ولا قال أحد من الصحابة أن غير أبي بكر من المهاجرين أحقّ بالخلافة منه ، ولم ينازع أحد في خلافته إلا بعض الأنصار ؛ طمعاً في أن يكون من الأنصار أمير ومن المهاجرين أمير . . . ولم يقل قطّ أحد من الصحابة أن النبي صلّى اللّه عليه وآله نصّ على غير أبي بكر . . . » [1] . أقول : أولاً ، أن الكلام في ( النصّ ) و ( الوصيّة ) وهما غير ( الدلالة ) و ( الإرشاد ) . وثانياً : إن كان دلّهم وأرشدهم فكيف خفي عليهم ؟ وإن كان أخبر بخلافته إخبار راض بذلك حامد عليه ، فلماذا أبوا عن بيعته أو نازعوه خلافته ؟ وثالثاً : إن كان عزم على أن يكتب له بالخلافة ، فما الذي منعه عن ذلك ؟ ولماذا ترك ؟ والخلافة أهمّ الأمور ، وهو يعلم بأنه سيطلبها عدّة من الناس ؟ وسيقع النزاع بينهم بل القتال حولها ؟ ورابعاً : إن كان علمه بأن المسلمين يجتمعون عليه هو السبب في ترك الكتاب ،