أقول : وكلا الوجهين جهل أو تجاهل ؛ أمّا الأوّل ، فيبطله أن مقصود العلاّمة من ( أهل السنّة ) هنا خصوص ( الأشاعرة ) ، ويشهد به قوله في نفس هذه المسألة في كتاب آخر : « قالت الإماميّة ومتابعوهم من المعتزلة . . . وقال الأشاعرة : ليس جميع أفعال اللّه . . . » [1] . وأما الثاني ، فيكذّبه ما نصّ عليه الحافظ ابن حزم المتوفى سنة 456 في الفصَل : 3 / 160 ، والشهرستاني المتوفى سنة 548 في الملل والنحل : 1 / 92 ، والقاضي العضد المتوفى سنة 756 في المواقف ، وسيأتي تفصيل الكلام عليه في الفصل الثاني . قال قدس سره : وأنه تعالى لا يفعل لغرض ، بل كلّ أفعاله لا لغرض من الأغراض ، ولا لحكمة ألبتّة ، وأنه تعالى يفعل الظلم والعبث ، وأنه لا يفعل ما هو الأصلح للعباد ، بل ما هو الفساد في الحقيقة . . . . الشرح : أقول : سيأتي مزيد من الكلام على هذا كلّه في الفصل الثاني من الكتاب . وقد ذكر الفخر الرازي بتفسيره ما نصّه : « أن العبد لا يستحق على الطاعة ثواباً ، ولا على المعصية عقاباً استحقاقاً عقليّاً واجباً . وهو قول أهل السنّة واختيارنا » [2] . لكن ابن تيمية يقول في جواب العلاّمة في هذا الموضع : « فهذا فرية على أهل السنّة » [3] ، فانظر من المفتري ؟ وأمّا أن أفعاله ليست لغرض . . فلم ينكره ابن تيمية ، واستدلّ له الرازي عقلاً ونقلاً ، قال : « أمّا النصوص فأكثر من أن تعدّ ، وهي على أنواع ، منها ما يدلّ على أن الإضلال بفعل اللّه . . . ، ومنها ما يدلّ على أن الأشياء كلّها بخلق اللّه . . . » [4] ، وقال : « قول أصحابنا :
[1] نهج الحق وكشف الصدق : 73 . [2] التفسير الكبير 2 / 128 . [3] منهاج السنة 1 / 466 . [4] التفسير الكبير 28 / 233 .