وهو أنه يحسن منه كلّما أراد ، ولا يعلّل شيء من أفعاله بشيء من الحكمة والمصالح » [1] . قال قدس سره : وأن الأنبياء عليهم السّلام غير معصومين ! بل قد يقع منهم الخطأ والزلل والفسوق والكذب والسهو ، وغير ذلك ! الشرح : اعترض عليه ابن تيمية بأن « ما نقله عنهم أنهم يقولون أن الأنبياء غير معصومين فهذا الإطلاق نقل باطل عنهم ؛ فإنّهم متّفقون على أن الأنبياء معصومون فيما يبلّغون عن اللّه تعالى » [2] . قلت : قد ذكر العلاّمة مذهب الإماميّة ومخالفيهم في هذه المسألة على الإجمال ، فقال : بأن الإماميّة ذهبوا إلى وجوب عصمتهم « بحيث لا يجوز عليهم الخطأ ولا النسيان ولا المعاصي ؛ وإلاّ لم يبق وثوق بأقوالهم وأفعالهم فتنتفي فائدة البعثة » ، وأن أهل السنّة ذهبوا إلى « أن الأنبياء غير معصومين . . . » فأجمل القول في الموردين ، ولم يفصّل أن هذه العصمة متى هي ؟ وفي أي شيء ؟ وعن أيّ شيء ؟ نعم ، ظاهر عبارته في طرف مذهب الإماميّة هو الإطلاق ، وهو كذلك ، فإن مذهبهم أنه لا يقع من الأنبياء السهو ولا النسيان ، ولا تصدر منهم المعصية ، لا الصغيرة ولا الكبيرة ، لا سهواً ولا عمداً ، ولا فرق في ذلك كلّه بين حال قبل النبوّة وحال بعدها ، فيما يبلّغونه عن اللّه تعالى وفي غيره . وقد نفى هذا الإطلاق عن أهل السنّة ، لا أنه نسب إليهم كونهم غير معصومين مطلقاً ، حتى يقال بأنهم متفقون على أن الأنبياء معصومون فيما يبلّغونه عن اللّه تعالى . . ، وسيأتي بعض التفصيل في المسألة في الفصل الثاني .
[1] التفسير الكبير 17 / 11 . [2] منهاج السنة 1 / 470 .