ولنر ذلك في الآيات السابقة : تبدأ وصية لقمان لابنه بقوله تعالى : " يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم " . ولعلنا نستغرب بوصية لقمان هذه ، إذ أنها تبدأ بطلبه من ابنه أن لا يشرك بالله . وكان الأولى أن يطلب منه قبل ذلك أن يؤمن به ، لكن في الحقيقة لا داعي لهذا الاستغراب لأن الحقيقة التي يؤمن بها المسلم أن الإيمان بالله أمر فطري طبيعي ، فهي شئ مفروغ منه لا داعي للتذكير به والرسول محمد ( ص ) يقول : " كل مولود يولد على الفطرة ، إلا أن أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " . فالإنسان يولد وهو مفطور على الإيمان بالله ، وإنما الذي يفسده هو المجتمع الفاسد ، ويجعله سليما المجتمع السليم ، وللأبوين أكبر الأثر في ذلك فالإيمان أمر مفروغ منه وإنما الذي يقع بعد الإيمان إنما هو الشرك بالله . والشرك أنواع ، فليس الشرك عبادة الأصنام من حجارة وأمثالها فحسب بل الشرك أنواع كثيرة ، فالاعتقاد بالأوهام والخرافات شرك ، أو اتباع الأهواء وعبادتها شرك ، والخضوع للشهوات بشكلها الغير المشروع شرك ، والتذلل والخضوع لطاغية أو جبار شرك بالله ، عبادة المال بجعلها غاية بذاتها شرك ، وقبول شريعة وحكم وقانون يخالف ما شرعه الله ورسوله أيضا شرك . فكما نرى أن الشرك أنواع كثيرة لا حصر لها . وربما نتساءل وما دخل الشرك في الناحية التربوية ؟ ولما ذا يبدأ لقمان بوصيته لابنه يتحذره من الشرك ؟ نقول : إن الوحدانية في الإسلام هي أساس التربية .