< فهرس الموضوعات > الأسباب التي تجر الهلاك للملك < / فهرس الموضوعات > < فهرس الموضوعات > ما ورد في مدح السلطان < / فهرس الموضوعات > الجد حين يلتذ الهزل والعمل بالحزم وادراع الصبر بالقضاء . وكان يقال خير الملوك من أشرب قلوب رعيته محبته كما أشعرها هيبته ، ولن ينال ذلك منها حتى تظفر منه بخمسة أشياء : إكرام شريفها ورحمة ضعيفها وإغاثة لهيفها وكف عدوان عدوها وتأمين سبل رواحها وغدوها ، فمتى أعدمها شيئا من ذلك فقد أحقدها بقدر ما أفقدها . وكان يقال : الأسباب التي تجر الهلك إلى الملك ثلاثة : أحدها من جهة الملك ، وهو أن تتأمر شهواته على عقله فيستهويه نشوات الشهوات فلا تسنح له لذة إلا اقتضها ، ولا راحة إلا افترصها . والثاني من جهة الوزراء وهو تحاسدهم المقتضي تعارض الآراء ، فلا يسبق أحدهم إلى حق إلا كويد وعورض وعوند . والثالث من جهة الجند المؤهلين لحراسة الملك والدين وتوهين المعاندين ، وهو نكولهم عن الجلاد وتضجيعهم في المناصحة والجهاد ، وهم صنفان : صنف وسع الملك عليهم فأبطرهم الإتراف وضنوا بنفوسهم عن التعويض للاتلاف . وصنف قدر عليهم الأرزاق فاضطغنوا الأحقاد واستشعروا النفاق . فالسلطان : زمام الأمور ، ونظام الحقوق ، وقوام الحدود ، والقطب الذي عليه مدار الدنيا . وهو حمى الله في بلاده ، وظله الممدود على عباده ، به يمتنع حريمهم وينتصر مظلومهم ، وينقمع ظالمهم ، ويأمن خائفهم . قالت الحكماء : ( إمام عادل خير من مطر وابل ، وإمام غشوم خير من فتنة تدوم ) . ولما يزع الله بالسلطان أكثر مما يزع بالقرآن . وفيما أنزل الله تعالى على نبيه داود عليه السلام : ( إني أنا الله مالك الملوك قلوب الملوك بيدي ، فمن كان لي على طاعة جعلت الملوك عليهم رحمة ، ومن كان لي على معصية جعلت الملوك عليهم نقمة ، فحق على من قلده الله أزمة حكمه ، وملكه أمور خلقه ،