النفسي ، وأصبحت مسرحا للفوضى ومرتعا للمطامع ، وبؤرة لأمراض الأفكار الوافدة . فالاسلام شخص علل البشرية تشخيصا لا يرقى إليه الاختلاف ، وأعدلها العلاج الذي يضمن الشفاء وموفور الصحة والسعادة ، بحيث لا تنتكس وتشقى إلا إذا تخلت عنه ، فالمسلمون ما انحدروا إلى هذه الهوة السحيقة المظلمة من التفرق والتأخر والانحطاط والتردي المزري وصاروا هدفا للقوى المعادية ، وأضاعوا أغلب أوطانهم ، وفقدوا مكانتهم الرفيعة إلا بعد ما تهاونوا في جوهر الإسلام ولبابه ، وتمسكوا بالقشور والهوامش الخرافية ، ثم أخذتهم العصبية الميتة من حيث يشعرون أو لا يشعرون ، وغرتهم مظاهر المجاملات الدولية وتعاموا عما كانت تكيد لهم في الخفاء . إنه الإسلام الذي جمع خير الإنسانية وحقق أعظم نهضة عالمية ، وبعث أصدق وأسمى الحرية ، وصان الكرامة العقلية والفكرية ، وأوجد روحا تقارع الذل والعبودية . إنه الصيام الذي فيه امتحان الإيمان واختبار العقيدة ، وقياس الصدق والصبر ، فيه تدريب للنفس على القوة والفضيلة والتعاون وانسجام الشعور وتجاوب القلوب . إنه الصيام : الذي فيه تجريد النفس من الخبث والرذائل ، إنه النهوض بالأخلاق والمقومات النبيلة . إنه الصيام : الذي يعزز الفضائل ويقمع الرذائل . إنه الصيام : الذي هو مجال تقرير الإرادة الإنسانية ، والشخصية الإنسانية ، بالاستعلاء على ضرورات الجسد جميعا ، واحتمال ضغطها وثقلها بالمقاومة الإرادية الواعية ، التي تستعلي على الضرورات جميعا ، كما أنه مجال