نام کتاب : شرح إحقاق الحق نویسنده : السيد المرعشي جلد : 1 صفحه : 378
بأن للأفعال في ذواتها جهة الحسن والقبح لأن المصلحة والكمال حسن ، والمفسدة والنقص قبيح ، وإن أراد نفي كون هاتين الجهتين مقتضيتين للمدح و الثواب بلا حكم الشرع بأحدهما لأن تعيين الثواب والعقاب للشارع ، والمصالح والمفاسد التي تدركها العقول لا تقتضي تعيين الثوب والعقاب بحسب العقل ، لأن العقل عاجز عن إدراك أقسام المصالح والمفاسد في الأفعال ، ومزج بعضها ببعض حتى يعرف الترجيح ، ويحكم بأن هذا الفعل حسن لاشتماله على المصلحة ، أو قبيح لاشتماله على المفسدة ، فهذا الحكم خارج عن طوق العقل ، فتعين تعينه للشرع ، فهذا كلام صالح صحيح لا ينبغي أن يرده المعتزلي ، مثلا شرب الخمر كان مباحا في بعض الشرائع ، فلو كان شربه حسنا في ذاته بالحسن العقلي كيف صار حراما في بعض الشرائع الأخر ؟ هل انقلب حسنه الذاتي قبحا ؟ وهذا مما لا يجوز ، فبقي أنه كان مشتملا على مصلحة ومفسدة كل واحد منهما بوجه ، والعقل كان عاجزا عن إدراك المصالح والمفاسد بالوجوه المختلفة ، فالشرع صار حاكما بترجيح جهة المصلحة في زمان وترجيح جهة المفسدة في زمان آخر ، فصار حلالا في بعض الأزمنة وحراما في البعض الآخر ، فعلى الأشعري أن يوافق المعتزلي ، لاشتمال ذوات الأفعال على جهة المصالح والمفاسد ، وهذا يدركه العقل ، ولا يحتاج في إدراكه إلى الشرع ، وهذا في الحقيقة هو الجهة المحسنة والمقبحة في ذوات الأفعال ، وعلى المعتزلي أن يوافق الأشعري في أن هاتين الجهتين في الفعل لا تقتضيان حكم الثواب والعقاب والمدح والذم باستقلال العقل بعجزه ( لعجزه خ ل ) عن مزج جهات المصالح والمفاسد في الأفعال ، وقد سلم المعتزلي هذا فيما لا يستقل العقل به ، فليسلم في جميع الأفعال ، فإن العقل في الواقع لا يستقل في شئ من الأشياء بإدراك تعلق الثواب والعقاب ، فأذن كان النزاع بين الفريقين مرتفعا ، تحفظ بهذا التحقيق ، وبالله التوفيق .
378
نام کتاب : شرح إحقاق الحق نویسنده : السيد المرعشي جلد : 1 صفحه : 378