وإمكان التكليف بدون ذلك لا يدفع دليلنا أصلا . وهذا الكلام يناسب بوجه ما [1] ما يقول أحد في رد قول من يقول : جعل الله تعالى يد الإنسان مشتملة على أصابع ، وكل إصبع مشتملا على مفاصل ، حتى يتمكن من الأفعال الصادرة من اليد على وجه الكمال : لا احتياج إلى المفاصل ولا إلى الأصابع ، لأني رأيت كثيرا من الإنسان كانوا فاقدي الأصابع ، ومع هذا كانوا متمكنين على الأفعال ، ولا يخفى عدم ارتباطه بما ذكر . وبالجملة يمكن صحة التكليف مع عدم ظهور النبي والإمام في وقت ما ، لإمكان الاجتهاد في المحفوظ من آيات الأحكام والأحاديث التي يصح الاستدلال بها مثلا ، والاحتياط فيما لا يمكن الاستدلال عليه بخصوصه ، لكن كلامنا في أن العقل وتتبع آثار ألطافه سبحانه وتعالى يشهدان على أزيد من هذا . وننبه على هذا المطلب بتوضيح ما حتى ينجلي الخفاء عن بعض الأذهان إن بقي له ، ونقول : يحكم العقل بأن الملك العادل العارف بأن مصلحة الرعية في تعيين الأمير لا يهمل التعيين وإن كان غنيا عنهم ، بل يحكم بأن مقتضى عدالة الملك وحسن سيرته أن يعين لهم أميرا عادلا عارفا بكيفية الأمارة ، عاملا على وفق علمه ، إن كان قادرا على تعيين مثل هذا الأمير . فإن أهمل التعيين ، أو عين من لا يتصف بالأوصاف المذكورة مع قدرته على تعيين المتصف بها ، استنبطوا منه عدم العدالة والكمال في الملك ، وكذلك لو أحال التعيين إلى الرعية ، مع علمه بأنهم لا يميزون اللايق عن غير اللايق ، ولا يحصل تعيين اللايق ، أو يحصل تعيينه ولكن يحصل الاختلاف في كونه لايقا ، والتشويش
[1] سبب هذا التقييد أن هاهنا لم يحكم العقل بوجوب اشتمال اليد على ما اشتملت عليه ليترتب عليه كذا ، بل يحكم بعد وجدان اليد مشتملة على كذا تكون منفعته كذا ، والمناسبة كانت مطلقة لو كان الأول مما يحكم به العقل ، وليس كذلك " منه " .