ننقل من كلامه ( عليه السلام ) وكلام الشارح ، قال الأصل : أنا يعسوب الدين ، والمال يعسوب الفجار ، قال : ومعنى ذلك أن المؤمنين يتبعونني ، والفجار يتبعون المال ، كما يتبع النحل يعسوبها وهو رئيسها [1] . الشرح : هذه كلمة قالها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بلفظين مختلفين : تارة أنت يعسوب الدين ، وتارة أنت يعسوب المؤمنين ، والكل راجع إلى معنى واحد ، كأنه جعله رئيس المؤمنين وسيدهم ، أو جعل الدين يتبعه ويقفو أثره حيث سلك ، كما يتبع النحل اليعسوب ، وهذا نحو قوله " الحق معه كيف دار " [2] انتهى . وظهر منه لفظ الخبر في دوران الحق مع علي ( عليه السلام ) . ورابعتها : ذكاء سلمان وجودة ذهنه وجلالة قدره ، كما ظهر مما نقلنا عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سابقا . ويؤيده ما قال ابن أبي الحديد : قال أبو عمر : وقد روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من وجوه أنه قال : لو كان الدين في الثريا لناله سلمان . وفي رواية أخرى : لناله رجل من فارس . قال : وقد روينا عن عائشة قالت : كان لسلمان مجلس من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ينفرد به بالليل حتى كاد يغلبنا على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
[1] نهج البلاغة ص 530 رقم الحديث : 316 . [2] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 19 : 224 .