قال : وقد روي من حديث ابن بريدة ، عن أبيه أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : أمرني ربي بحب أربعة ، وأخبرني أنه يحبهم : علي ، وأبو ذر ، والمقداد ، وسلمان . قال : وروى قتادة ، عن أبي هريرة ، قال : سلمان صاحب الكتابين يعني الإنجيل والقرآن . وقد روى الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن علي ( عليه السلام ) أنه سئل عن سلمان ، فقال : علم العلم الأول والعلم الآخر ، ذاك بحر لا ينزف ، وهو منا أهل البيت . قال : وفي رواية زادان ، عن علي ( عليه السلام ) : سلمان الفارسي كلقمان الحكيم [1] . إذ عرفت هذه المقدمات نقول : قوله " ليس يرتاب أحد من أصحابنا أنه تظلم وتألم حينئذ يدل على مظلوميته ( عليه السلام ) ، وحمل هذا التظلم والتألم على أنه ( عليه السلام ) أظهر هذا التظلم من تركهم الأولى " لا يصح من وجوه : أحدها : أنه لا يجتمع تظلمه ( عليه السلام ) وتألمه وتكلمه بما تكلم في هذا الكلام مع إمامة من تظلم ( عليه السلام ) منه ، لأن الاستعداء هو طلب الانتقام ، وطلب الانتقام إنما يكون بعد أن يكون الطالب مظلوما ، والمطلوب منه ظالما عمدا ، وظاهر أن أهل الديانة لا يطلبون الانتقام بتجويز كون أحد ظالما عليه بل ولا بالظن أيضا ، فطلب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من الله تعالى انتقام قريش ومن أعانهم يدل على علمه بكونهم ظالمين وعلمه ( عليه السلام ) بكونهم ظالمين يدل على كونهم ظالمين بوجوه : أحدها : كونه ( عليه السلام ) أعلم الناس وأتقاهم ، فلا يجوز العقل جهله وعلم أدنى المهاجرين والأنصار بخطأه ؟ نعوذ بالله من أمثال هذه الظنون . وثانيها : كونه ( عليه السلام ) باب مدينة العلم بإخبار النبي ( صلى الله عليه وآله ) . لا يقال : كمال علمه ( عليه السلام ) مسلم ، لكن محبة الأمر والحرص عليه قد تصير سببا