يحتاج إلى الاستشهاد عليه ، وأنه بلغ من إصرار عبد الله على مظاهرته أن قال لما حضره الموت : من يتقبل مني وصية أوصيه بها على ما فيها ؟ فسكت القوم وعرفوا الذي يريد ، فأعادها فقال عمار بن ياسر : أنا أقبلها ، فقال ابن مسعود : لا يصلي علي عثمان ، فقال : ذلك لك ، فيقال : أنه لما دفن جاء عثمان منكرا لذلك ، فقال له قائلا : إن عمارا ولي هذا الأمر ، فقال لعمار : ما حملك على أن لم تؤذني ؟ فقال : إنه عهد إلي أن لا اؤذنك ، فوقف على قبره وأثنى عليه ، ثم انصرف وهو يقول : رفعتم والله بأيديكم عن خير من بقي ، فتمثل الزبير بقول الشاعر : لأعرفنك بعد الموت تندبني * وفي حياتي ما زودتني زادي ولما مرض ابن مسعود مرضه الذي مات فيه ، فأتاه عثمان عائدا ، فقال : ما تشتكي ؟ قال : ذنوبي ، قال : فما تشتهي ؟ قال : رحمة ربي ، قال : ألا أدعو لك طبيبا ؟ قال : الطبيب أمرضني ، قال : أفلا آمر لك بعطائك ؟ قال : منعتنيه وأنا محتاج إليه وتعطنيه وأنا مستغن عنه ، قال : يكون لولدك ، قال : رزقهم على الله ، قال : استغفر لي يا أبا عبد الرحمن ، فقال : أسأل الله أن يأخذ لي منك بحقي . وصاحب الكتاب قد حكى بعض هذا الخبر في آخر الفصل الذي حكيناه من كلامه ، قال : هذا يوجب ذم ابن مسعود من حيث لم يقبل العذر ، وهذا منه طريف ، لأن مذهبه لا يقتضي قبول كل عذر ظاهر ، وإنما يجب قبول العذر الصادق الذي يغلب في الظن أن الباطل فيه كالظاهر ، فمن أين لصاحب الكتاب أن اعتذار عثمان إلى ابن مسعود كان مستوفيا للشرائط التي يجب معها القبول ، وإذا جاز ما ذكرناه لم يكن على ابن مسعود لوم في الامتناع من قبول عذره . هذا كلام السيد ( رحمه الله ) [1] . وبعض الخبر الذي حكى صاحب المغني في آخر الفصل هو قوله : أن عثمان اعتذر