النبوة والإمامة . ورابعها : تصريح ابن عباس بأن أهل الحجى والنهى يعدونه كاملا منذ رفع الله منار الإسلام ، وليس مرادهم بهذا الكمال استحقاق الإمامة ولو كان بعد عمر ، وإلا لم يعدوا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) محروما عن الخلافة دلالة على عدم اعتقادهم باستحقاق أحد من الثلاثة للأمر ، فلم يتحقق الاجماع على إمامة واحد منهم . وخامسها : في نسبة الصرف إلى المهاجرين بقوله " صرفوها بادئ بدء " أيضا دلالة على كونها حقه ( عليه السلام ) ببيان الرسول ( صلى الله عليه وآله ) لكن صرفوها للمصالح التي زعموها ظنا منهم غفلة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عنها ، وظن الخطأ برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إنما ينشأ من غاية الجهل بمرتبته ( صلى الله عليه وآله ) كما مر غير مرة . وسادسها : في قوله " أن الحرص محرمة " دلالة على ظنه حرص أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عليها ، والظاهر أن هذا الظن نشأ من غاية اهتمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في طلب الأمر ، اهتماما في إجراء حكم الله بقدر الإمكان ، فحمله على الحرص الذي رأى نفسه عليه ، وفي هذه العبارة من عمر دلالة على عدم صدور البيعة من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعنوان الرضا ، فكيف يحكم تبعته بالإجماع ؟ وقول عمر " ثم تزل فيها قدمه " إشارة إلى التشويش الذي ظهر في خلافة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لا بعلمه بالحدس ، بل بإخبار كعب الأحبار مما رأى في كتبهم ، كما يظهر من رواية رواها ابن أبي الحديد متصلا بالرواية المنقولة بالسند المذكور ، حيث قال فيها : إن وليه - يعني : أمير المؤمنين ( عليه السلام ) - أمر الخلافة كان هرج شديد [1] أو بإخبار الأسقف ، فإنه روى ابن أبي الحديد سؤال عمر عن الأسقف أحوال الخلفاء [2] ، وإن لم يكن تفصيل الأحوال التي سمعها منه مذكورا في كتابه .
[1] شرح نهج البلاغة 12 : 81 . [2] شرح نهج البلاغة 12 : 124 .