ويمكن أن يكون سبب ظنه بعد بدعته في تفاضل العطاء ، علمه بأن أمير المؤمنين لا يخالف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في التسوية ، وظنه ترتب المفسدة الظاهرة على تبعية الرسول ( صلى الله عليه وآله ) لتوقع العظماء المزية التي رأوها من عمر ، وتوقع بعضهم أزيد من هذا من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ولا أقل من المثل ، فإذا لم يروا ما توقعوا أفسدوا في الأرض . ويمكن أن يكون سبب حصول ظنه ، ما أراد من جعل جمع من الجهال في معرض الخلافة ، حتى أن تحقق خلافة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يبعثهم التوقع إلى الخلاف والفساد . ولا يبعد أن يكون من جملة أغراضه في تفضيل العطاء حصول هذه المفسدة على تقدير انتقال الأمر إلى المستحق ، واحتمال كون الغرض من الشورى توقع المفسدة قد مر في مبحث إبطال إمامة الثالث . إبداع التراويح : ومنها : ابتداع التراويح كما هو المشهور ، وهي إقامة نافلة شهر رمضان جماعة ، ولم تكن في زمان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولا في زمان أبي بكر ، ولا في صدر من خلافة عمر ، ثم ابتدعها عمر ، مع رواية العامة والخاصة أن كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة سبيلها إلى النار [1] . ومن طريقهم ما روي عن الحميدي في الجمع بين الصحيحين ، في مسند جابر بن عبد الله ، قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : كل بدعة ضلالة [2] . ويؤيد الشهرة ما ذكره ابن أبي الحديد بقوله : قال المؤرخون : أن عمر أول من سن قيام رمضان في جماعة [3] .
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12 : 282 ، الشافي 4 : 219 . [2] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12 : 284 - 285 . [3] شرح نهج البلاغة 12 : 75 .