" والله ما أدري " فإما أن يقول تبعته بكذبه والقسم على الكذب ، وإما أن يقولوا بصدقه في عدم الدراية . ومع ظهور إخراج الاحتمال الأول إياه عن لياقة الخلافة ، كيف يجوز تكذيب أحد يخبر عن ضميره ويقسم على طبقه ولا يدل دليل على كذبه ؟ فلا وجه للحكم به ، ولا دليل على علمه بخلافته إلا ارتكابه الأمر الذي لا يجوز فعله لغير الخلفاء ، وهذا لا يدل على علمه . وإن قالوا بصدقه ، فلا وجه لحكمهم بخلافته ، كيف ؟ وارتكابه أمر الخلافة مع عدم علمه بها يخرجه عن احتمال العدالة ، فكيف لا يخرجه عن استحقاق الخلافة . ولعل سبب شك أظهره بالكلام وأقسم على طبقه لو لم يكن سببه توقع إغواء العوام بنسبتهم إلى الإنصاف وزيادة محبتهم إياه بإظهار هذا الشك مع العظمة ، جهله بأنه بعد نص رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على الإمام إذا غلب على الإمام أحد بالحيلة وبذل جهده في رعاية مصلحة أهل الإسلام ، هل يصير بمحض الغلبة والرعاية إماما وخليفة أم لا ؟ وهذا في غاية السخافة ، لأنه كيف يصير أحد بمحض رعاية ما زعمه مصلحة خليفة وإماما يجب على كافة الناس إطاعته ، ومع ظهور بطلانه كيف يعارض نص من هو مهبط الوحي ولا ينطق عن الهوى . ويحتمل أن يكون سبب إطاعته فيما أطاع توقع ما سمع في أوائل سنه في طريق الشام ممن يخبره بالسلطنة ويوقره ويقبل يده مثل السلاطين ، كما نقله ابن أبي الحديد ، لا لإذعانه بنبوة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وفي حكاية حج التمتع ومتعة النساء ، وضرب أبي هريرة ، وغيرها من الأمور التي استبد برأيه فيها ، ولم يبال بعدم دلالة الكتاب والسنة عليها ، بل بدلالتهما أو أحدهما على خلافها نوع إيماء إليه . وفي قول القائل نظر ، لأن المراد بأخذ الحق ووضعه في حق في كلامه ، هو ما يزعمه العامة كذلك ، وهو لا يعتبر في الخلافة ، بل ولا في النبوة ، ألا ترى أن رسول