المال ، بشبهة أنه رأى النبي ( صلى الله عليه وآله ) زوج فاطمة ( عليها السلام ) بخمسمائة درهم ، فقامت امرأة إليه ونبهته بقوله تعالى * ( وآتيتم إحداهن قنطارا ) * على جواز ذلك ، فقال : كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت [1] . وأجاب صاحب المغني بما حاصله : أنه لم يكن هذا نهي تحريم ، بل مقصوده استحباب الاقتداء برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبعد التنبيه على ذلك مبني على طيب النفس ، قال ما قال على جهة التواضع من استفادة العلم ، وهذه صفة محمودة من الفضلاء . ورد السيد كلامه بما حاصله : أن حمل كلام عمر على الاستحباب دفع للعيان ، لأن المروي هو الحظر ، ولو لم يكن حاظرا لما كان في الآية حجة عليه ، ولا كان يعترف لها بأنها أفقه منه والتواضع ، بحيث يفهم منه خطأ المصيب وإصابة المخطئ غير جائز [2] . وبعض العلماء الكرام طاب ثراه أيد نهي التحريم بحرمة جعل المهر في بيت المال لأجل ترك المستحب . وقال فضل بن روزبهان : إن عمر لم يرتكب المحرم بل هدد به ، ولو فعله لارتكب المحرم على زعمه [3] . وفي كلام مصوبي عمر نظر ، غير ما ظهر مما نقلته أيضا . أما في كلام صاحب المغني ، فلأنها لم تستدل على عمر إلا بالآية ، فإن كان مراد القاضي أنه ظهر من فعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) رجحان القليل ، ولما كان مقتضى الآية جواز الكثير ، فالاقتداء برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مبني على الرضا ، وكان عمر غافلا عن مقتضى الآية ، فهذا هو المراد من الجهل الذي نسبوه إلى عمر ، لأنه إذا كان غافلا عن مقتضى الآية الذي هو جواز الكثير ، فقد تعين القليل بزعمه ، فوقع فيما فر منه .
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12 : 208 ، الشافي 4 : 183 . [2] الشافي 4 : 185 . [3] دلائل الصدق 3 : 134 عنه .