وإن كان المراد أنه كان عمر قائلا بجواز القليل والكثير من غير تعيين لأحدهما ، بل قال برجحان أحدهما فقط ، فلم يقع تنبيه من المرأة غير ما عرفه عمر أصلا ، فأي معنى لقوله " وبعد التنبيه " الخ ؟ وأما في كلام فضل ، فلأن التهديد على ما أطلقه الله تعالى ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) ابتداع في الشرع والدين المبين ، وهل هذا إلا توجيه فعله بتغيير مقتضى القرآن برأيه . وأيضا في تقييد قوله " لارتكب المحرم بقوله على زعمه " دلالة على عدم ارتكاب المحرم على زعم فضل ، وهو ظاهر البطلان ، لأنه إذا جاز الكثير ، فلا معنى لجواز جعله في بيت المال . وقال شارح التجريد في توجيه قول عمر : وأجيب بأنه لم ينه نهي تحريم ، بل إنما نهاه على معنى أنه وإن كان جائزا شرعا فتركه أولى نظرا إلى أمر المعاش ، وقوله " كل الناس أفقه من عمر " فعلى طريق التواضع وكسر النفس . وجوابه ظهر مما ذكرته . وروى عبد الحميد بن أبي الحديد في ضمن نقل كلام عمر وسيرته وأخلاقه ما هذا لفظه : وخطب عمر فقال : لا يبلغني أن امرأة تجاوز صداقها صداق زوجات رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلا ارتجعت ذلك منها ، فقامت إليه امرأة فقالت : والله ما جعل الله ذلك لك ، إنه تعالى يقول * ( وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ) * فقال عمر : ألا تعجبون من إمام أخطأ وامرأة أصابت ، ناضلت إمامكم فنضلته [1] . ومع وضوح بطلان توجيهاتهم هذا أيضا يدل على بطلانها .