قباحة الأمر بالرجم مع العلم بالحمل الذي يظهر من عدم إظهار غفلته عنه في غاية الشناعة . ولو نسب إلى مجتهد أمر فيه مثل هذه الشناعة وكان بريئا عما نسب إليه ، يجب إظهار البراءة عنه ، فكيف وعرض أئمة المسلمين أعلى شأنا وأولى بالرعاية عن مثل هذا النقصان ، وترك عمر براءة ساحته عن هذه الشناعة التي تظهر من كلام معاذ ، بل إقامة القرينة على صدق النسبة بقوله " لولا معاذ لهلك عمر " دليل واضح على جهله بحكم الحامل . وأما الثاني ، فلظهور عدم جواز مثل هذا الخطأ لمن اتصف بأدنى مراتب الاجتهاد ، بل بأدنى مراتب العلم ، فكيف يوجب الله على جميع الأمة إطاعة من له جهل بمثل هذه الأمور ؟ قال عبد الحميد بن أبي الحديد في تقوية كلام صاحب المغني ودفع الايراد ، بدلالة كلام معاذ وعدول عمر عن إظهار الجهل بالحمل على علمه به بما حاصله : أن ظاهر لفظ معاذ وإن أشعر إلى علم عمر ، لكن يمكن أن يكون تكلم معاذ بمثل هذا الكلام ناشئا عن مقتضى أخلاق العرب وخشونتهم ، وإن لم يكن عمر عالما بالحمل وعدول عمر عن إظهار الجهل بالحمل ، لأنه إنما يقول مثل هذا من يخاف من اضطراب حاله ، أو نقصان ناموسه إن لم يقله ، وعمر كان أثبت قاعدة وأشد تمكنا من أن يحتاج إلى الاعتذار بمثل هذا . وأيضا اعترف بأن ترك السؤال عن الحمل خطأ كما ذكره السيد ، لكن جوز كونه صغيرة [1] . وفيه نظر ، لأنه إن أراد بعدم احتياج عمر إلى الاعتذار عدم حاجته إليه ، لظهور عدم صدور مثل هذه الزلة منه ، فهو ظاهر البطلان . وإن أراد أنه للتمكن في السلطنة وانتظام أمرها ، لم يحتج إلى الاعتذار ، فهو كما قال ، لكن كثير من الملوك الذين لم