الأمر برجم الحاملة : ومنها : أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ ، وقال ، إن يكن لك سبيل عليها ، فلا سبيل على ما في بطنها ، فرجع عن حكمه وقال : لولا معاذ لهلك عمر [1] . ونقل شارح المختصر في مبحث الاجماع السكوتي ، وكون عادتهم ترك السكوت عند سماع الخطأ هذه الحكاية بقوله : كقول معاذ لعمر لما رأى جلد الحامل : ما جعل الله على ما في بطنها سبيلا ، فقال : لولا معاذ لهلك عمر . وأجاب عن هذا صاحب المغني وشارح التجريد بتجويزهما عدم علم عمر بالحمل ، وفضل بن روزبهان بجواز الخطأ والنسيان عن المجتهدين . ولا يخفى ضعفهما . أما الأول ، فلظهور عدم جواز العذر بعدم العلم بالحمل الذي ليس من الاحتمالات البعيدة التي يندر وقوعها حتى يجوز غفلة مجتهد عنه ، فعدم تفتيشه : إما من عدم مبالاته بأمر الدين ، أو من قلة علمه ، بحيث لا يتفطن بوجوب التفتيش في مثل هذا الأمر الذي يعلم وجوبه فيه كثير من العوام ، وعلى التقديرين لا يجوز إمامته على كافة أهل الإسلام لو فرض عدم ضرورة إحاطة الإمام بجميع أمور الشرع . وأيضا جواب معاذ دال على كون الأمر بالرجم بعد ظهور الحمل ، وإلا كان الواجب عليه رعاية الإمام ، وقوله هذه حامل ولعل حملها لم يظهر لك ، وقوله لم يجعل الله على ما في بطنها سبيلا دال على ظهور الحمل وكون الغفلة عن الحكم . وأيضا لو كان عمر غافلا عن الحمل لكان يجب أن يقول في جواب معاذ : لم يكن حكم الحامل غير معلوم لي حتى يحتاج إلى الاستدلال بعدم جواز رجمها ، بل الأمر بالرجم لعدم العلم بحملها ، وحينئذ وإن لزم على عمر قباحة عدم التفتيش ، لكن
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12 : 202 ، الشافي 4 : 179 .