وأما عدم استحقاق أبي بكر ، فلسؤاله عن أسامة ترك عمر ، لأن هذا بالحقيقة سؤال عنه في الإذن في مخالفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأي اختيار لأسامة وغيره في أمثال تلك الأمور ؟ وأما عد استحقاق عثمان ، فللفرعية وعدم القول بالفصل . لا يقال : للأمير أن يفعل ما يقتضيه علمه من الاستمداد بغير من عينه ( صلى الله عليه وآله ) وإذن التخلف لمن عينه ، وهذا من لوازم الإمارة عرفا . لأنا نقول : هذا إنما هو فيما لم يعين ( صلى الله عليه وآله ) الجيش ، وأما إذا عين وقال : اخرج إلى حرب كذا مع زيد وعمرو ومع جماعة فيهم زيد وعمرو ، فلا يجوز له إذن أحدهما في التخلف . وبالجملة ينبغي ملاحظة ما أمر به الأمير ، فإن أمره الرسول على جيش يعينه الأمير ويراعي في التعيين مقتضى رأيه ، فله رعاية ما يقتضي رأيه ، وإن عين الجماعة الخاصة التي من جملتها زيد وعمرو ، فلا يجوز له إذن أحدهما في التخلف ، كما أنه لو ذكرهما بخصوصهما لا يجوز له الإذن . فإن قلت : قد ظهر من كلامك السابق كون الرجلين من الجيش ، وما رويته من الترمذي يدل على خلافه . قلت : لا دلالة فيه على خلاف ما ذكرته ، لأن تخصيص أبي بكر سؤال ترك أسامة بعمر إنما كان ليكون معه بالمدينة ، فطلب إذن عمر يشتمل على طلب إذن نفسه أيضا ، وإذن عمر في الترك إذن له أيضا عرفا ، وأيضا بعد تحقق السلطنة لم يكن لأحد أن يقول له : يجب عليك الخروج إما لهيبة السلطنة ، أو الشبهة فلم يحتج إلى السؤال . فإن قلت : تخلف عمر في أيام الحياة عن جيش أسامة أو تخلفهما على تقدير دخول أبي بكر أيضا في الجيش ، إنما هو لرعاية مصلحة الإسلام ، لأنه لم يظهر من