يبقى مجال ما توهم بعضهم من جواز التشدد على الممتنع عن البيعة . وأيضا فيه اعتراف بوقوع التشدد على أهل البيت الذين هم أسرع الناس إجابة إلى ما فيه مرضات الله تعالى ، لامتناعهم عن البيعة قبل تحقق الإمامة ، لأن سببها عندهم الاجماع ، وهو لا يتحقق عند مخالفة أحد له مرتبة الاجتهاد البتة ، ومع مخالفة أهل البيت ومن وافقهم من كمل الصحابة ، لا يتوهم جواز الجبر على البيعة . فالجبر والتشدد على أهل البيت ، وترك مقتضى آية * ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) * [1] وآية التطهير ، ورواية الثقلين ، ومثل سفينة نوح وغيرها ، برهان قاطع في الدلالة على كونه كاذبا في دعوى الخلافة ، وظالما أقصى مراتب الظلم على أهل البيت ، ومغضبا لرسول الله بغضب فاطمة ( عليها السلام ) فأي طعن أشد من هذا ؟ وتوهم كون الكلمة المذكورة منقبة لدلالتها على الندامة لو سلم عدم قصده بهذه الكلمة زيادة غرور من رسخ في قلبه محبته ، بلا دليل وبرهان ، بل بمحض تقليد الآباء والإخوان لا ينفعه هناك ، لعدم المعذرة من المظلومين ، وعدم طلب الابراء من المهمومين ، وعدم إظهار الخطأ فيما دعاه إلى هذه الخطيئة الذي هو اختلاس الأمر بالغلبة والخديعة ، فأي منفعة في كلمة توهم الندامة ؟ مع الاخلال بشرائط التوبة ، والإصرار في الأمر الذي دعاه إلى هذه القباحة . فإن قلت : الإمامة تنعقد ببيعة الواحد والاثنين كما قالت طائفة ، ومنهم صاحب المواقف ، لأن إمامة أبي بكر انعقدت ببيعة عمر ، بدليل تحقق الاجماع على إمامته ، وأنه كان إماما من وقت البيعة ، فلا بد من نص قاطع دال على كفاية هذه البيعة في الإمامة دلالة قطعية ، والإجماع كاشف عنه ، فعدم نقله غير ضار لكون الاجماع