عهده بالعقبى ، حال يبر فيها الفاجر ويؤمن فيها الكافر ، إني أستخلف عليكم عمر بن الخطاب ، فإن أحسن السيرة فذلك ظني به والخير أردت ، وإن يكن الأخرى فسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . والتقريب لهم في إمامة عمر : أن أبا بكر بعد ما استخلف عمر نازعه طلحة ، وقال : ما تقول لربك إذا وليت علينا فظا غليظا ؟ فقال : أقول يا رب وليت عليهم خير أهلك ، ولم يقل أحد حين حياته ولا بعد موته أنه لا يجب علينا إمضاء أمره في أمر الاستخلاف ، بل كان سعيهم في أول الأمر للعدول ، وبعد استقرار الأمر لم يكن لأحد كلام في وجوب إطاعته ، وهذا إجماع يدل على إمامة عمر ، بل على إمامة كل من نص إمام على إمامته . وفيه نظر من وجوه : أما أولا ، فلأنه ظهر بطلان إمامة أبي بكر ، والفرع يبطل ببطلان الأصل . وأما ثانيا ، فلأنا لا نسلم تحقق إجماع ما على هذا ، بل من الأمور الواضحة لمن تتبع كلام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وذريته المعصومين أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وبعض الصحابة يقولون بينهم ببطلان الفرع والأصل ، ويظهرونه ما أمكن ، وإن لم يكونوا قادرين على مواجهته بالبطلان . وأما ثالثا ، فلأنا لو سلمنا أنه لم يظهر لنا إظهارهم البطلان لكان إجماعا سكوتيا في مقام الخوف ، أما كونه سكوتيا فغني عن البيان ، وأما كونه في مقام الخوف ، فلأن بعد استمرار سلطنة أبي بكر وشوكته وإطاعته عامة الناس طوعا وبعضهم كرها ، كان من يمتنع عن أمره في مظنة الخطر على الامتناع ، ألم تر أن من لم يرض بمن عينه السلطان للعلم بعدم كون من عينه لائقا للسلطنة ، يخفي عدم الرضا للخوف الظاهر من إظهاره ، وإذا كان الاجماع سكوتيا وإظهار الخلاف مشتملا على الخوف ، فلا حجية فيه بما ذكرته في المسألة الثالثة والرابعة من المقدمة الأولى .