نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 492
لكن الإسلام أخذ ينظر إلى واقع الإنسان بما هو كائن ذو بعدين ، فبالبعد المادي لا يستغني عن المادة ، وبالبعد الروحي لا يستغني عن الحياة الروحية ، فأولاهما عنايته ، فدعا إلى المادة والالتذاذ بها بشكل لا يؤثرها على حياته الروحية ، كما دعا إلى الحياة الروحية بشكل لا يصادم فطرته وطبيعته ، وهكذا فقد قرن بين عبادة الله وطلب الرزق وترفيه النفس ، فندب إلى القيام بالليل وإقامة النوافل ، وفي الوقت نفسه ندب إلى طلب المعاش وتوخي اللذة ، قال سبحانه : * ( والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ) * [1] وقال أيضا : * ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) * . [2] وقال علي أمير المؤمنين عليه السلام : " للمؤمن ثلاث ساعات : فساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يرم معاشه ، وساعة يخلي بين نفسه وبين لذتها " . [3] 4 - النظر إلى المعاني لا الظواهر إن التشريع القرآني ينظر إلى الحقائق لا إلى القشور ، فلا تجد في الإسلام مظهرا خاصا من مظاهر الحياة يكون له من القداسة ما يمنع من تغييره ويوجب حفظه إلى الأبد بشكله الخاص ، فليس هناك تناقض بين تعاليمه والتقدم العلمي . فلو كان التشريع الإسلامي مصرا على صورة خاصة من متطلبات الحياة لما انسجم مع الحياة ، فمثلا ينهى الإسلام عن أكل الأموال بالباطل ، وعلى هذا فرع الفقهاء حرمة بيع الدم لعدم وجود منفعة محللة له في تلك الأعصار الغابرة بيد أن
[1] الفرقان : 64 . [2] الأعراف : 32 . [3] نهج البلاغة : باب الحكم ، الحكمة 390 ، طبعة صبحي الصالح .
492
نام کتاب : رسائل ومقالات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 492