نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 71
وفي كلام بعض الأشاعرة إلماع لما ذكرنا ، يقول النسفي ( المتوفى 537 ه ) : وفي إرسال الرسل ، حكمة . ويقول التفتازاني ( المتوفى 791 ه ) في شرحه على العقائد : أي مصلحة وعاقبة حميدة . وفي هذا إشارة إلى أن الإرسال واجب لا بمعنى الوجوب على الله تعالى ، بل بمعنى أن قضية الحكمة تقتضيه لما فيه من الحكم والمصالح وليس بممتنع . ( 1 ) وكلامه هذا نفس ما ذكرناه ، وهذا دليل على أن الأشاعرة قد أظهروا نوعا من المرونة للعدلية عبر الزمان . الدليل الخامس : التحسين والتقبيح لا يجتمعان مع الجبر إن الأشاعرة لما اختاروا كون الإنسان مجبورا في أعماله ، وأن فعله ليس فعله ، بل فعله سبحانه عند تعلق إرادة العبد ، رتبوا على هذا الأصل امتناع القول بالتحسين والتقبيح العقليين وقرروه بوجوه : 1 . قرره فخر الدين الرازي ( المتوفى 680 ه ) بقوله : لو قبح الشئ لقبح إما من الله أو من العبد ، والقسمان باطلان ، فالقول بالقبح باطل ، إما أنه لا يقبح من الله فمتفق عليه ، وإما أنه لا يقبح من العبد ، فلأن ما صدر عنه [ إنما هو ] على سبيل الاضطرار ، لما بينا من أنه يستحيل صدور الفعل عنه إلا إذا أحدث الله فيه الداعي إلى ذلك الفعل ، ومتى أحدث الله الداعي فيه إليه كان الفعل واجبا ، وبالاتفاق لا يقبح من المضطر شئ . ( 2 )