نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 67
الثالث : ما لا يكون علة ولا مقتضيا للحسن والقبح ، وإنما يوصف بأحدهما لأجل طروء عناوين مختلفة عليه ، وهذا كضرب اليتيم ، فهو ليس بحسن ولا قبيح ، إلا أنه حسن إذا كان بعنوان التأديب وقبيح إذا كان بعنوان الانتقام والتشفي . وعلى ذلك فيظهر الجواب على الكذب النافع والصدق الضار ، إذ ليس الصدق والكذب بالنسبة إليهما إلا مقتضيا على وجه لولا المانع لأثرا . والمفروض اقترانه بالمانع ، بل يمكن عدهما من القسم الثالث فلا يوصفان بأحدهما مع طروء عنوان القبيح على الصدق ، وطروء عنوان الحسن على الكذب . يلاحظ عليه : أن الصدق وإن كان ربما يوصف بالقبح إذا كان متضمنا لهلاك النبي ، أو الكذب يوصف بالحسن إذا كان متضمنا لإنقاذه ، لكن هذا ليس بمعنى تبدل حسن الصدق إلى القبح ، وقبح الكذب إلى الحسن ، بل معناه أن هناك عناوين تطرأ على فعل الإنسان ، كإنقاذ النبي عند الكذب ، وهلاكه عند الصدق ، فتنبثق مسألة أخرى وهي تقديم الأصلح والأهم من الأمرين على غيرهما . فالإنسان مكلف بحكمين : أ . صيانة النبي وإنقاذه ، وهو أمر حسن . ب . حرمة الكذب ، وهو أمر قبيح . ولا يمكن التوفيق بينهما ، لأن العقل يحكم بانتخاب الأهم منها ، وليس هو إلا إنقاذ النبي وإن استلزم الكذب . فعلى ضوء هذا الجواب فحسن الأفعال وقبحها ثابتان غير زائلين ، غير أن التزاحم دفع العقل إلى انتخاب الأهم والأصلح وتقديمها على الراجح والمهم ، ونفس هذا التقديم عين العدل ، لأنه من قبيل وضع الشئ ، في محله .
67
نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 67