نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 40
وعلى ضوء ذلك فقضية الحسن والقبح العقليين - عند هؤلاء الذين أسميناهم - من القضايا المشهورة التي قبلها الناس وليست من اليقينيات ، ولذلك تستخدم في باب الجدل دون البرهان . وهذا هو الظاهر من كلمات علماء الإسلام ، ودونك نصوصهم : 1 . قال الشيخ الرئيس في كتاب النجاة : وأما الذائعات فهي مقدمات وآراء مشهورة محمودة أوجب التصديق بها إما شهادة الكل ، مثل : إن العدل جميل . وإما شهادة الأكثر ، وإما شهادة العلماء ، أو شهادة أكثرهم أو الأفاضل منهم ، فيما لا يخالف فيه الجمهور ، وليست الذائعات من جهة ما هي هي مما يقع التصديق بها في الفطرة ، فإن ما كان من الذائعات ليس بأولى عقلي ولا وهمي ، فإنها غير فطرية ، ولكنها متقررة عند الأنفس ، لأن العادة تستمر منذ الصبا ، وفي الموضوعات الاتفاقية . وربما دعا إليها محبة التسالم والإصلاح المضطر إليهما الإنسان ، أو شئ من الأخلاق الإنسانية ، مثل الحياء والاستئناس ، أو سنن قديمة بقيت ولم تنسخ ، أو الاستقراء الكثير ، أو كون القول في نفسه ذا شرط دقيق بين أن يكون حقا صرفا ، أو باطلا صرفا ، فلا يفطن لذلك الشرط ويؤخذ على الإطلاق ، وإذا أردت أن تعرف الفرق بين الذائع والفطري ، فأعرض قولك : " العدل جميل " و " الكذب قبيح " على الفطرة التي عرفنا حالها وتكلف الشك فيها تجد الشك متأتيا فيهما وغير متأت في أن الكل أعظم من الجزء وهو حق أولى . ( 1 ) وكلامه هذا صريح في أن المشهورات والذائعات ليست من الأمور اليقينية ، ولذلك قال : إن الشك يتطرق إلى قولنا : العدل جميل ، والكذب قبيح ، ولا يتطرق إلى قولنا : الكل أعظم من الجزء .
1 - النجاة : 63 .
40
نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 40