نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 34
وأما كلام المحقق الطوسي في شرحه على الإشارات فلا يخلو عن إجمال ، فصدر العبارة يوافق نظرية الشيخ ، وأما ذيلها فكأنه يشير إلى أن الحكمة العملية مبدأ للتحريك لا للإدراك ، يقول : قوى النفس تنقسم بالقسمة الأولى ، إلى ما يكون باعتبار تأثيرها في البدن ، الموضوع لتصرفاتها ، مكملة إياه تأثيرا اختياريا ، وإلى ما يكون باعتبار تأثيرها عما هو فوقها ، مستكملة في جوهرها بحسب استعداداتها وتسمي الأولى عقلا عمليا ، والثانية عقلا نظريا ، والشيخ بدأ بالأولى لأنها أظهر ، فالشروع في العمل الاختياري الذي يختص بالإنسان لا يتأتى إلا بإدراك ما ينبغي أن يعمل في كل باب وهو إدراك رأي كلي مستنبط من مقدمات كلية : أولية أو تجربية أو ذائعة أو ظنية يحكم بها العقل النظري ، ويستعملها العقل العملي في تحصيل ذلك الرأي الكلي من غير أن يختص بجزئي دون غيره ، والعقل العملي يستعين بالنظري في ذلك . ثم إنه ينتقل من ذلك باستعمال مقدمات جزئية أو محسوسة إلى الرأي الجزئي الحاصل فيعمل بحسبه ويحصل بعمله مقاصده في معاشه ومعاده . ( 1 ) وأنت ترى أن العبارة يكتنفها الكثير من الغموض ولكن الظاهر من عبارته في " الجوهر النضيد " هو أنها من مقولة الإدراك حيث يقول : ومبادئ الجدل عند السائل هي ما يتسلمه عن المجيب ، وهي المشهورات الحقيقية إما مطلقة يراها الجمهور ويحمدها حسب العقل العملي كقولنا : العدل حسن ويسمى آراء محمودة . . . . ( 2 ) هذا وقد تبعه الحكيم السبزواري في شرح منظومته ، فنقل عبارة المعلم الأول وشرحها على الرغم من أنه ذكر في آخر كلامه عبارة صاحب " المحاكمات " التي تخالف تلك النظرية .