نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 29
فالملاك بهذا المعنى يوجب الهرج والمرج في باب وصف الأفعال بأحدهما ، لأن الأفعال الكفيلة بتحقيق تلك الأغراض ، تختلف باختلاف الأشخاص ، فعندئذ تكون حسنة عند شخص وقبيحة عند آخر ، وليس مثل هذا البحث لائقا بالبحث الكلامي . ب . أن يكون المراد منها المصالح والأغراض النوعية التي يدور عليها بقاء النظام ، وهذا كالعدل الذي يقيم النظام ، والظلم الذي يهدمه . إن اتخاذ المصالح والأغراض النوعية ملاكا للقضاء بأحد الوصفين وإن كانت تصلح أن تكون ملاكا للحسن والقبح في أفعال الإنسان ولكنها لا تصلح لوصف أفعاله سبحانه بالحسن والقبح ، وقد سبق منا القول إن السبب من وراء طرح هذه المسألة في المسائل الكلامية هو الوقوف على أفعاله سبحانه وما يجوز عليه أو ما لا يجوز ، ومن الواضح أن فعله سبحانه فوق المصالح والأغراض التي لا تكون ملاكا لوصف فعله بالحسن والقبح ، مثلا أخذ البرئ بذنب المجرم فعل قبيح ولا صلة له بالمصالح والمفاسد ، ولأجل ذلك يجب أن يكون الملاك شاملا لأفعال الواجب والممكن . وبعبارة أخرى : إن البحث عن الحسن والقبح العقليين هو فوق مستوى البحث عن الحسن والقبح العقلائيين ، فالملاك في الثاني هو ما مر آنفا من موافقة الفعل للمصالح النوعية ومخالفتها ، وهذا النوع من البحث بحث أخلاقي ويصلح أن تكون المصالح والأغراض رصيدا للحكم بالحسن والقبح في ذلك الإطار . وأما الملاك في الأول الذي يعم الممكن والواجب ، فهو ملاك أوسع من سابقه ، لما عرفت من أن فعل البارئ هو فوق مستوى المصالح والمفاسد النوعية .
29
نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 29