نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 111
ولو تجرد " ماركس " عن برامجه الحزبية لوقف على أن الحكم على الإنسانية وفق ما يجري في الطبيعة الصماء إسراء قانون من موضوع إلى موضوع آخر بينهما غاية البعد ، إذ أين الإنسان الشاعر المختار العاقل الذي يستطيع أن يقف على مصالحه ومفاسده بالعقل والتجربة والمشورة ، من الطبيعة الصماء ؟ ! كل ذلك دلائل قاطعة على أن نظرية الانبثاق نظرية خاطئة ، وليس من واجب الإنسان أن ينظر إلى ما في الكون من قوانين ثم يطبقها بحذافيرها على حياته وسلوكه ، فلو قلنا بعدم الصلة بهذا المعنى بين الحكمتين فلم نبتعد عن جادة الصواب . وحصيلة البحث : أن الأخلاق والقوانين الحاكمة على المجتمعات الصغيرة والكبيرة ، لا يمكن أن تمليها الطبيعة الصماء بل يمليها عقل الإنسان وتجربته ، فما كان مفيدا لحاله وحال مجتمعه ، يأخذ به ، وما كان ضارا له يرفضه . ب . انفصام الصلة بين الحكمتين أنكر الفيلسوف الانكليزي " ديفيد هيوم " الصلة - بين الحكمتين ، واستند إلى أمرين : 1 . إن طريقة البحث في الحكمة النظرية تغاير طريقته في الحكمة العملية ، فالباحثون في القسم الأول يبحثون في الوجود واللاوجود ، مثلا يقول : ( الخالق موجود ) ، ( الملك موجود ) ، وفي الوقت نفسه يبحث في الحكمة العملية عن الوظائف الفردية والاجتماعية ، وعندئذ يتبدل كلامه من الإخبار إلى الإنشاء ، يقول : اعبدوا الله تبارك وتعالى ، فبين الحكمتين بون شاسع ، فأين الوجود والعدم - الذي يدور حولهما رحى الحكمة النظرية - من الإيجاب والحظر الذي يدور حولهما رحى الحكمة العملية ؟
111
نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 111