نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 101
وقداستها ، ويرون أن القوانين المكتشفة ليست قطعية ولا مطلقة ولا منزهة عن التبدل والتغير ، فسواء أكانوا على حق في هذا المدعى أو لا فهم يثبتون وراء كلامهم هذا قضية قطعية مقدسة ، وهي قطعية هذه القاعدة بالذات ، ( لا إطلاق ولا قطعية ) وشمولها لجميع الأزمنة والأمكنة ، فهم في الوقت الذي ينفون قطعية الآراء وإطلاق القوانين ، يثبتون قانونا قطعيا ثابتا غير خاضع للتغير . وهذا دليل على الفرق الواضح بين العلوم القائمة بالذهن والواقع الذي تنطبق العلوم عليه فالأصول الديالكتيكية علوم قائمة بذهن المادي غير خاضعة للتغير ، وأما موارد تلك الأصول من الجوهر والعرض فلم تزل في مهب التغير والتحول . سر ثبات الحسن والقبح العقليين ما مر من البيان الضافي يثبت بجلاء سر ثبات الحسن والقبح العقليين ، وتعاليهما عن طروء التغير والتحول عليهما ، وإن كان الإنسان في حياته والعالم الذي يعيش فيه مهيأ للتغير ، وذلك لأن المعيار في حسن الفعل وقبحه عبارة عن ملائمة الفعل للفطرة ومجاوبته معها ، أو منافرته ومجانبته عنها ، فهذا هو الملاك لثبات الحسن والقبح ، وبالتالي ثبات غرائز الإنسان وميوله العلوية والسفلية ، فما دام الإنسان إنسانا فقد فطرت طينته بالرغبة إلى العدل والإيثار والعمل بالميثاق إلى غير ذلك من الأصول ، كما عجنت فطرته بالتضجر من أضدادها ، فالإنسان الذي كان في غابر القرون يشترك مع الإنسان في العصر الراهن في الميول والغرائز من دون فرق بينهما البتة ، وهذه الوحدة هي سر ثبات القيم . فالحكيم يعرف الإنسان بأنه حيوان ناطق ، ولكن العالم الأخلاقي يرى أنه تعريف ناقص ، وإن كان في نظر الحكيم تعريفا كاملا ، لتركيزه على التفكير
101
نام کتاب : رسالة في التحسين والتقبيح نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 101