ورووها . ثمّ قال : وقد روى ابن عرفة - المعروف ب : نفطويه ، وهو من أكابر المحدّثين وأعلامهم [1] - في تاريخه ما يناسب هذا الخبر [2] . ولهذه الأمور ونحوها خفي جلّ فضائل أمير المؤمنين عليه السّلام وإن جلّ الباقي عن الإحصاء ، ونأى عن العدّ والاستقصاء ، وليس بقاؤه إلَّا عناية من اللَّه تعالى بوليّه والدين الحنيف . ويشهد لإخفائهم فضائله ما رواه البخاري ، عن أبي إسحاق ، قال : « سأل رجل البراء - وأنا أسمع - : أشهد عليّ بدرا ؟ قال : بارز وظاهر » [3] . أترى أنّه يمكن أن يخفى في الصدر الأوّل محلّ أمير المؤمنين عليه السّلام ببدر ، حتّى يحتاج إلى السؤال عن مشهده بها ؟ ! وهي إنّما قامت بسيفه ، لو لا اجتهاد الناس في كتمان فضائله ! [4] .
[1] هو الإمام الحافظ ، النحوي العلَّامة ، الأخباري ، أبو عبد اللَّه إبراهيم بن محمّد بن عرفة بن سليمان بن المغيرة العتكي الأزدي الواسطي ، عالم بالعربية واللغة والحديث ، ولد بواسط سنة 244 ه ، وسكن بغداد ومات فيها في صفر من عام 323 ه ، أخذ عن ثعلب والمبرّد وغيرهما ، من مؤلَّفاته : غريب القرآن ، تاريخ الخلفاء ، المصادر ، القوافي ، المقنع في النحو . انظر : تاريخ بغداد 6 / 159 - 162 رقم 3205 ، سير أعلام النبلاء 15 / 75 رقم 42 ، لسان الميزان 1 / 109 رقم 327 ، معجم المؤلَّفين 1 / 67 رقم 498 . [2] شرح نهج البلاغة 11 / 44 - 46 . [3] صحيح البخاري ، ج 3 باب قتل أبي جهل من كتاب المغازي [ 5 / 184 ح 22 ] . منه قدّس سرّه . [4] اللَّهمّ إلَّا أن يقال : إنّ الرجل لم يستطع أن يصرّح بفضيلة لأمير المؤمنين عليه السّلام أو أن يدافع عنه ، فلجأ إلى استدرار الدفاع من الصحابي البراء بن عازب - الذي شهد مع الإمام عليّ عليه السّلام وقعتي الجمل وصفّين - ، فإن أجاب بالإيجاب - كما وقع فعلا تمكَّن من الاستدلال بالحديث الوارد عندهم من أنّ اللَّه تعالى قد اطَّلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ، ليستنكر ما يقال في الإمام عليّ عليه السّلام . وانظر الحديث - مثلا - في : صحيح البخاري 4 / 144 ذ ح 211 وص 173 ح 276 وج 5 / 188 ذ ح 32 وص 298 ذ ح 283 وج 6 / 263 ذ ح 383 وج 8 / 105 ذ ح 32 وج 9 / 34 ذ ح 21 ، صحيح مسلم 7 / 168 ، سنن أبي داود 3 / 48 ذ ح 2650 ، سنن الترمذي 5 / 383 ذ ح 3305 ، مسند أحمد 1 / 80 و 105 وج 3 / 350 ، مسند الحميدي 1 / 28 ذ ح 49 ، مسند أبي يعلى 1 / 316 - 321 ح 394 - 398 .