فكيف تؤخذ نظريّة شيعيّة من رجل نسب الكذب إلى الأئمّة ، وكفّره أهل السنّة لتكفيره عثمان . أمّا بالنسبة إلى أبي الجارود ، فيقول أحمد الكاتب : ( كان يوالي الإمام الباقر في البداية ، ثمّ انتقل إلى حزب أخيه زيد بن علي ) [1] . وهذا ليس انتقالاً كما يصوّره أحمد الكاتب ؛ لأنّ زيد بن علي لم يشكّل حزباً أمام أخيه الباقر ( عليه السلام ) ، وكان زيد على علم بالإمامة . ولمّا وجد الكاتب أنّ زيداً وأنصاره على علم تام بالإمامة ، وأنّ انضمام أبي الجارود لا يشكّل نقطة سلبيّة على الإمامة ، راح يبحث عن مواقفه وأقواله ، ناسياً البحث العلمي الذي أثبت رجوع أبي الجارود إلى مذهب الحقّ بعد أن شرّق يميناً وشمالاً ؛ لأنّ الحسن بن محبوب نقل عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : دخلت على فاطمة ( عليها السلام ) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء ، فعددت اثني عشر آخرهم القائم ، ثلاثة منهم محمّد وأربعة منهم علي [2] . ورواية هكذا خبر تدل على رجوعه عن مذهب الزيديّة ، خصوصاً وإنّ الحسن ابن محبوب الذي روى الخبر عن أبي الجارود ولد قريباً من وفاة الصادق ( عليه السلام ) ، فلا محالة - كما يقول السيد الخوئي - أن تكون هذه الرواية بعد تغيّره ، وبعد اعتناقه مذهب الزيديّة - أي بعد اعتناق مذهب الزيديّة عاد وروى هذا الخبر الذي يعتقد بمضمونه - بكثير ، فإذا روى أنّ الأوصياء اثنا عشر ، آخرهم القائم ، ثلاثة منهم محمّد ، وأربعة منهم علي ، كان هذا رجوعاً منه إلى الحق ، والله العالم [3] . فلم يتطرّق الكاتب إلى كلّ تلك البحوث والأقوال ، وراح يجرّد النظريّة الشيعيّة من كلّ الملازمات ، ويستخرجها من أقوال ومواقف سليمان بن جرير الذي عرفت موقفه وقوله ، ومن قول أبي الجارود الذي أرسله إرسال المسلّمات بدون بحث
[1] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 45 . [2] عيون أخبار الرضا : ج 2 ، ص 52 ، ح 6 و 7 . [3] معجم رجال الحديث : ج 7 ، ص 325 - 326 .