وانحرافه ، وهذا المفهوم . . . أوقع فلاسفة الشيعة في شبهة التناقض ، بين ضرورة طاعة الله الذي يأمر بطاعة أُولي الأمر في الآية ، وبين ضرورة طاعة الحكّام بصورة مطلقة حتّى في المعاصي والمحرّمات ) . ومن هذا نستنتج أنّ الكاتب لم يفهم معنى العصمة عند الشيعة ، وإلاّ لما قال هذا الكلام ، لأنّ العصمة عندهم هي : ( عصمتهم - الأئمّة - عن جميع القبائح والفواحش من الصغر إلى الموت عمداً أو سهواً ) [1] ، وهذا المعنى مأخوذ من النص القرآني ( لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) . والإمامة هي العهد الإلهي كما يقول الرازي [2] ، وصرّح به الزمخشري بقوله : ( أي من كان ظالماً من ذرّيّتك لا يناله استخلافي وعهدي إليه بالإمامة ، وإنّما ينال من كان عادلاً بريئاً من الظلم ) [3] . فمفهوم الإمام المعصوم هو الإمام العادل البريء من الظلم ، صغيراً كان الظلم أو كبيراً ، وهذا هو المراد من ( أُولِى الأمْرِ ) الذين أمر الله بطاعتهم . إذن ، لا يوجد مقتض للتناقض حتّى يقع الشيعة فيه ؛ لأنّ أُولئك الذين أمر الله بطاعتهم ليس الحكّام والجبابرة حتّى توفّق الشيعة بين طاعة الله وطاعتهم التي أمر الله بها ، بل أُولئك الأئمّة المعصومون المطهّرون من كلّ رجس صغيراً كان أو كبيراً ، وعلى أحمد الكاتب أن يوضّح كيف يوفّق بين طاعة الله في الآية وطاعة أُولئك الذين أمر الله بطاعتهم ؛ لأنّ عنده أنّ أُولي الأمر هم من ينتخبه الشورى ، فلا بدّ له أن يثبت كيف قرن الله طاعته بطاعة أُولئك إن لم يكونوا معصومين مطهّرين . فالشيعة عندهم الطاعة مطلقة ، لأنّ الإمام معصوم من كلّ رجس ، ولهذا قال الشيخ الطوسي : ( فإن قيل : فَلِمَ أنكرتم أن يكون الاقتداء بالإمام إنّما يجب فيما نعلمه حسناً ، فأمّا ما نعلمه قبيحاً أو نشكّ في حاله فلا يجب الاقتداء فيه ؟