فصارت بصدد إقامة الأدلّة من الطرق المختلفة العقليّة والنقليّة لإثبات صحّة ما انتهت إليه الخلافة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فأرادت أن تعرف الحقّ من خلال معرفة الرجال . « وحيث لم يتجاوز دور الإمام في النظام الفكري لهذه المدرسة تخوم القيادة والزعامة السياسيّة ، فقد كان من المنطقي ، بقطع النظر عن دلالات الوحي الإلهي ، أن يولّوا وجوههم صوب نظريّة الشورى وانتخاب أهل الحلّ والعقد ، وذلك : أوّلاً : لأنّ هذه النظريّة أقرب إلى الذوق العرفي . ثانياً : إنّ الحكومة شأن من شؤون الناس وعهد بينهم وبين الإمام القائد ، وإذ يكون الأمر كذلك ، فلا بدّ أن يكون للأمّة دور في إدارة الشؤون والنهوض بها ، لأنّ القرآن ينص ( وأمرهم شورى بينهم ) [1] ، ومن الواضح أنّ الإمامة بمعنى القيادة داخلة في أمر الناس ، لهذا اتجهت المجتمعات البشريّة صوب نظريّة الانتخاب لا النص . وكان مما ترتب على تلك النواة المحوريّة في تأسيس نظريّة الإمامة ، أنّهم التزموا بانقطاعها وعدم دوامها ، لأنّ المفروض ، أنّ هذا المنصب لا يتحقّق لأحد إلاّ بعد الانتخاب والبيعة . ومع عدم تحقّق ذلك لا يحق لأحد أن يتصدّى لهذه المسؤوليّة ويرغم الناس على القبول . وعندما انتقلوا إلى الشروط التي لا بدّ من توافرها ، فيمن يتصدّى للنهوض بهذا الدور ، لم يجدوا مناصاً من الالتزام ، بأنّه لا يشترط أن يكون معصوماً ، بل تكفيه من الناحية السلوكيّة العدالة بمعناها المتداول في البحث الفقهي ، ومن ناحية التأهيل العلمي تكفيه قدرة علميّة ترفعه إلى مستوى أداء المسؤوليّات التي أُنيطت به . وهكذا انتهت عناصر النظام الفكري للمدرسة السنيّة في الإمام إلى المكوّنات التالية بشكل عام : 1 - لا تعني الإمامة غير الحكم والقيادة السياسيّة .