الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) واضحة آبية عن التأويل القسري الذي تعرّضت له ، ومن مصاديق ذلك : أوّلاً : حديث الغدير : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « فمن كنت مولاه فعليٌّ مولاه ، اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه » [1] . وتعرّض هذا الحديث إلى محاولتين : الأُولى : فسّرته بالنصرة والمحبّة ، وأصبح معنى الحديث : إنّكم تحبوني أكثر من أنفسكم ، فمن يحبّني يحبّ عليّاً ، اللهمّ أحبّ من أحبّه ، وعادِ من عاداه [2] . الثانية : رأت الأُولى غير كافية لتصحيح مواقف الصحابة الذين خرجوا على علي ( عليه السلام ) ، فأصدرت بنداً جديداً يقول : إنّ بعض الصحابة لهم حقّ على غرار ما يسمّى بحقّ النقض ، بأن يجتهدوا أمام النصوص ، فقالت هذه المحاولة بأنّ من حقّ هؤلاء الذين نصبوا العداء لعلي الإجتهاد في مقابل النص ، وهم معذورون وإن أخطأوا [3] . ولم يبقَ لهذا الحديث بعد ذلك أي معنى ، لأنّ من أحبّ عليّاً ومن أبغضه واحد من حيث التكليف ، ما دام باب الإجتهاد مقابل النص مفتوحاً . ثانياً : حديث الدار : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا » [4] . وحاولت كثير من الكتب الحديثيّة مصادرة هذا المعنى بعدم نقله ، ولكن رفضت كتب التاريخ ذلك وأبرزته بأجلى صوره ، ولما كان لسان الحديث آبياً عن التأويل القسري وجهت أصابع الإتّهام إلى عبد الغفّار بن القاسم الواقع في سنده ، حيث اتهمه
[1] مسند أحمد : ج 1 ، ح 642 و 672 و 953 و 964 ؛ سنن النسائي : كتاب الخصائص ، ح 8542 ؛ البداية والنهاية : ج 5 ، ص 229 - 232 و ج 7 ، ص 383 - 385 في عشرين طريقاً . [2] روح المعاني : ج 6 ، ص 195 - 196 . [3] الفصل في الملل والأهواء والنحل : ج 3 ، ص 291 - 292 ؛ الباعث الحثيث : ص 135 . [4] تاريخ الطبري : ج 2 ، ص 63 ؛ الكامل في التاريخ : ج 2 ص 62 - 64 ؛ السيرة الحلبيّة : ج 1 ، ص 461 ؛ تفسير الخازن : ج 3 ، ص 333 .