فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ) [1] ، فقال : هذا كلام يوهم الضعفة ويوقع الشبهة لمن لا بصيرة له ، ويروع بظاهره قبل الفحص عن معناه ، والعلم بباطنه وحجيّة القول فيه . إنّ الآية التي اعتمدها هؤلاء القوم في هذا الباب ، خاصّة وليست بعامّة ، بدلالة توجب خصوصها ، وتدلّ على بطلان الإعتقاد لعمومها ، وذلك أنّ الله سبحانه وتعالى قد قطع العذر في كمال من أوجب له الإمامة ، ودلّ على عصمته من نصّبه للرئاسة ، وقد وضّح بالبرهان القياسي ، والدليل السمعي ، إمامة هذين الإمامين فأوجب ذلك خروجهما من جملة الأيتام الذين توجه نحوهم الكلام ) [2] . وراح يسوق الآيات التي خصصت بدليل العقل والنقل والإجماع ، فقال : ( كما أوجب العقل خصوص قوله تعالى : ( وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَئ قَدِيرٌ ) ، وقام الدليل على عدم العموم في قوله تعالى : ( وَأُوْتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَئ ) ، ( وَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَئ ) ، وكما خصّ الإجماع قوله تعالى : ( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاث وَرُباع ) فأفرد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بغير هذا الحكم ممن انتظمه الخطاب ) [3] . فأبطل الشيخ المفيد عمدة الاستدلال على الشيعة بالقرآن الكريم ، حيث أورد عليهم آيات تدلّ في ظاهرها على العموم ، ولكن خصّصت تارة بالدليل العقلي ، وأُخرى بالدليل الشرعي ، وثالثة بالإجماع ، فهذا لم يذكره الكاتب ، بل ذكر فقط قول الشيخ المفيد : ( إنّ الخصوص قد يقع في القول ولا يصحّ وقوعه في عموم العقل ، والعقل موجب لعموم الأئمّة بالكمال والعصمة ، فإذا دلّ الدليل على إمامة هذين النفسين - الجواد والهادي - وجب خصوص الآية فيمن عداهما بلا ارتياب ) [4] .
[1] النساء : الآية 6 . [2] الفصول المختارة : ص 149 - 150 . [3] الفصول المختارة : ص 150 - 151 . [4] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 113 - 114 .