أمّا بالنسبة لبعض الحسنيين الذين حاول أحمد الكاتب أن يستفيد من موقفهم المعارض لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، فأضاف لبعض الكلمات التي وردت على لسان أحد الحسنيين كلمة ( ليس ) ليحرّف المعنى الكلّي للرواية ، حيث إنّ قول عبد الله بن الحسن : ( لنا في هذا الأمر ما ليس لغيرنا ) [1] ، وهو يؤكّد مسألة النص والوصيّة ، فأضاف أحمد الكاتب له كلمة ( ليس ) ليحرّف معناه ، ويستفيد منه كموقف حسني مؤيّد للشورى ، وقال : إنّ عبد الله بن الحسن يقول : ( ليس لنا في هذا الأمر ما ليس لغيرنا ) [2] . وحتّى لو كانت هناك معارضة فلا تنفع الكاتب لأنّها تدعو إلى الإمامة ، فهذا إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي ( عليهما السلام ) يدعو إلى إمامة أخيه محمّد كما يقول الأشعري [3] ، مع أنّ محمّداً لم يحصل على ذلك عن طريقة بيعة حتّى تفسّر الإمامة بهذا الطريق ، وكذلك قال السيّد الخوئي : ( إنّ عبد الله بن الحسن قد نصّب نفسه للإمام ) كما تقدّم . إذن ، موقف بعض الحسنيين لم ينفع أحمد الكاتب أبداً وإن حاول أن يحرّف في بعض الموارد - كما ذكرنا سابقاً - أو يضع عنواناً باسم المعارضة الحسنيّة [4] ، ليوهم القارئ بأنّ الإمامة كانت لها معارضة شديدة . وفي ختام هذا الكلام نقول : إنّ التاريخ قد ظلم الحسنيين في مواقفهم ، وإن وقف البعض أمام الأئمّة ( عليهم السلام ) - كما وقف أولاد الأئمّة أمثال جعفر الكذّاب - ففي الحسنيين الحسن المثنّى الذي كان كما يقول المفيد : ( رجلاً جليلاً ، رئيساً ، فاضلاً ، ورعاً ، كان يلي صدقات أمير المؤمنين في وقته . . . - إلى أن قال - : ومضى ولم يدَّعِ الإمامة ولا ادعاها له مدّع ) [5] . وغيره من الحسنيين الذين كانت لهم مواقف مشرّفة مع الأئمّة ( عليهم السلام ) ، وكان
[1] بصائر الدرجات : ص 153 . [2] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 31 . [3] المقالات والفرق : ص 76 . [4] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 44 . [5] معجم رجال الحديث : ج 4 ، ص 301 - 302 ، رقم 2761 .