إنّا لنأمل أن ترتد أُلفتنا * بعد التباعد والشحناء والأحن وتنقضي دولة أحكام قادتها * فينا كأحكام قوم عابدي وثن [1] وقال أحمد بن أبي نعيم الذي نفاه المأمون بسبب هذا البيت : ما أحسب الجور ينقضي وعلى ال * أُمّة وال من آل عبّاس [2] وأخيراً نختم هذا الفصل بمقتطفات من قصيدة أبي فراس الحمداني ( المتوفى 357 ه ) ، فقال في قصيدته المعروفة بالشافية : يا للرجال أما لله منتصر * من الطغاة ، أما للدين منتقم بنو علي رعايا في ديارهم * والأمر تملكه النسوان والخدم ثمّ قال : لا يطغين بني العبّاس ملكهم * بنو علي مواليهم وإن رغموا أتفخرون عليهم لا أبا لكم * حتّى كأنّ رسول الله جدّكم وما توازن يوماً بينكم شرف * ولا تساوت لكم في موطن قدم ولا لكم مثلهم في المجد متصل * ولا لجدّكم مسعاة جدّهم ولا لعرقكم من عرقهم شبه * ولا نثيلتكم من أُمهم أُمم ثمّ أضاف : كم غدرة لكم في الدين واضحة * وكم دم لرسول الله عندكم أأنتم آله فيما ترون وفي * أظفاركم من بنيه الطاهرين دم هيهات لا قربت قربى ولا رحم * يوماً إذا أقصت الأخلاق والشيم كانت مودّة سلمان لهم رحماً * ولم تكن بين نوح وابنه رحم بعد كلّ هذا الظلم الذي عبّر عنه الشعراء المعاصرون له ، والذين تحمّلوا بسبب شعرهم أشدّ أنواع القتل والتعذيب ، فحفظوا لنا وصفاً أميناً لخلفاء بني العبّاس ، جاء أحمد الكاتب وفي القرن العشرين ليصف لنا أُولئك الخلفاء بالعطف والرحمة على
[1] العمدة لابن رشيق : ج 1 ، ص 75 ؛ العقد الفريد : ج 5 ، ص 87 . [2] وفيات الأعيان : ج 6 ، ص 153 .