يقول فان فلوتن : ولا غرو ، فإنّ العلويين لم يلقوا من الاضطهاد مثل ما لقوا في عهد الأوّلين من خلفاء بني العبّاس [1] . وقد وصل هذا الظلم إلى حدّ أنّ إبراهيم بن هرمة المعاصر للمنصور دخل إلى المدينة وأتاه رجل من العلويين فسلّم عليه ، فقال له إبراهيم : ( تنحّ عنّي ولا تشط بدمي ) [2] . وأخيراً ننقل كلمات الخضري والشبراوي حول هذه العصور المظلمة ، يقول الخضري حول الوضع العبّاسي مع البيت العلوي : ( فكان نصيب آل علي في خلافة بني هاشم أشدّ وأقسى ممّا لاقوه في عهد خصومهم من بني أُميّة ، فقُتِلوا وشُرِّدُوا كلّ مشرّد ، وخصوصاً في زمن المنصور والرشيد والمتوكّل من بني العبّاس ، وكان اتهام شخص في هذه الدولة بالميل إلى واحد من بني علي كافياً لإتلاف نفسه ومصادرة أمواله ، وقد حصل فعلاً لبعض الوزراء وغيرهم ) [3] . ويقول الشبراوي : ( وخلف العسكري بعده ولده ، وهو الثاني عشر من الأئمّة أبو القاسم محمّد ( عليه السلام ) ، وكان أبوه قد أخفاه حين ولد ، وستر أمره لصعوبة الوقت وخوفه من الخلفاء ، فإنّهم كانوا في الوقت يتطلّبون الهاشميين ويقصدونهم بالحبس والقتل ويريدون إعدامهم ) [4] . وما نقلناه غيض من فيض من الإعترافات التي ملأت كتب التاريخ والحديث ، والتي تحدّثت عن الظلم العبّاسي للبيت العلوي ، والتي تجاوزها الكاتب بهدوء من دون إشارة ، ووضع لها عنواناً بارزاً في كتابه ، مجرّداً من الوثائق ، أسماه : ( تعاطف الخلفاء العبّاسيين مع العلويين ) [5] .
[1] السيادة العربيّة والشيعة والإسرائيليّات : ص 134 . [2] تاريخ بغداد : ج 6 ، ص 127 . [3] محاضرات تاريخ الأمم الإسلاميّة : ج 1 ، ص 161 . [4] الإتحاف بحب الأشراف : ص 179 . [5] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 252 .