واعتمد الكاتب في هذا الكلام على رواية أشار لها في الهامش ، ولم ينقلها بالنص ، لأنّ الرواية ليس فيها ما يدّعيه ، وسننقلها حتّى يتبيّن ذلك : عن مسافر ، قال : أمر أبو إبراهيم ( عليه السلام ) حين أُخرج به أبا الحسن أن ينام على بابه في كل ليلة . . . فلمّا كان ليلة من الليالي أبطأ عنه ، وفُرِش له ، فلم يأت كما كان ، فاستوحش العيال وذُعروا ، ودَخَلَنا أمر عظيم من إبطائه ، فلمّا كان من الغد أتى الدار ودخل على العيال وقصد إلى أُمّ أحمد ، فقال لها : هاتِ التي أودعك أبي ، فصرخت ولطمت وجهها وشقّت جيبها ، وقالت : مات والله سيّدي . . . فأخرجت له سفطاً وألفي دينار وأربعة آلاف دينار ، فدفعت ذلك أجمع إليه دون غيره ، وقالت : إنّه قال لي فيما بيني وبينه وكانت أثيرة عنده : احتفظي بهذه الوديعة عندك لا تطلعي عليها أحداً حتّى أموت ، فإذا مضيت فمن أتاك من ولدي فطلبها منك فادفعيها إليه واعلمي أنّي مت . . . [1] . فالرواية كما هو واضح لا علاقة لها بتشخيص الإمام ، بل ناظرة إلى الوقت الذي تعلم فيه زوجة الإمام بوفاته ، فلعلّ تلك المرأة كانت تعلم بإمامة الرضا ، وتجهل أمر زوجها ، هل هو حي أم لا ؟ وعندما طلب منها الرضا الوديعة علمت بوفاته . أضف إلى ذلك ، أنّ الرواية تحمل أمراً أنكره الكاتب ، وهو أنّ الإمام لا يغسله إلاّ إمام ، فهي تشير إلى غياب الإمام الرضا ( عليه السلام ) ليلة كاملة لا يعرفون مكانه ، ولا يستطيع الكاتب أن ينكر الرواية ، لأنّه قد استفاد منها استفادة خاطئة . ثمّ أضاف إلى كذبه : ( إنّ الشيعة بايعت أحمد ابن الإمام الكاظم بالإمامة ، وأخذ البيعة منهم ) ، مع أنّ الشيخ المفيد يقول : إنّ أحمد كان كريماً جليلاً ورعاً ، وكان أبو الحسن يحبّه ويقدّمه ، وكذلك قال السيّد الخوئي [2] . وتفرّد الكاتب بنسبة البيعة إليه . الكذبة الثالثة : قال : ( تشبّث الإماميّون في عمليّة إثبات الإمامة للرضا بوصيّة الإمام الكاظم إليه . . . ولكن الوصيّة كانت غامضة أيضاً ) [3] .
[1] الكافي : ج 1 ، ص 444 ، في أنّ الإمام متى يعلم أنّ الأمر قد صار إليه . [2] الإرشاد : ج 2 ، ص 244 ؛ معجم رجال الحديث : ج 2 ، ص 345 ، رقم 982 . [3] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 94 .