وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ) [1] ، فلم تزل في ذريّته يرثها بعضاً عن بعض ، قرناً فقرناً ، حتّى ورّثها الله تعالى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال جلّ وتعالى : ( إنّ أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ) فكانت له خاصّة ، فقلّدها عليّاً ( عليه السلام ) بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله ، فصارت في ذريّته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله تعالى : ( وقال الذين أُوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث ) [2] فهي في ولد علي ( عليه السلام ) خاصّة إلى يوم القيامة » [3] . الآية الثالثة : ( وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنّني براءٌ ممّا تعبدون * إلاّ الذي فطرني فإنّه سيهدين * وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلّهم يرجعون ) [4] . « ذهب جمع من المفسرين إلى أنّ الكلمة الباقية في عقب إبراهيم ( عليه السلام ) هي كلمة التوحيد ، إذ براءته مما يعبد قومه ، واتجاهه نحو الذي فطره هو عين معنى كلمة التوحيد ( لا إله إلاّ الله ) [5] ، وقوله : ( لعلّهم يرجعون ) ، أي يرجع المشرك منهم بدعوة الموحّد إلى الله تعالى . إذن ، فقد جعل الله تعالى التوحيد باقياً في ذريّة إبراهيم ( عليه السلام ) وعقبه ، ولا تخلو ذريّته من الموحّدين . وقد بيّنا في كتاب ( العصمة ) أنّ جميع المعاصي نوع ، بل مرتبة من مراتب الشرك بالله تعالى ، والتوحيد الذي جعله الله تعالى باقياً في عقب إبراهيم ( عليه السلام ) لا بدّ أن يكون التوحيد الحقيقي ، الذي لا يشوبه شيء من الشرك أبداً ، ليستحق الإشادة به في القرآن الكريم ، وإلاّ فلا يمكن أن يريد به التوحيد الذي
[1] الأنبياء : 73 . [2] الروم : 56 . [3] الأُصول من الكافي : ج 1 ، ص 199 ، باب نادر وجامع في فضل الإمام وصفاته . [4] الزخرف : 26 - 28 . [5] البيان : ج 9 ، ص 193 ؛ الكشّاف : ج 4 ، ص 246 ؛ التفسير الكبير : ج 27 ، ص 208 ؛ الميزان : ج 18 ، ص 96 .