( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم ، تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم ( [1] . ويقول الله سبحانه : ( والذين اهتدوا زادهم هدى ، وآتاهم تقواهم ( [2] . فالهداية بالإيمان وزيادة الهدى ، من قبل الله سبحانه - كسائر التوفيقات والتسديدات الإلهية - ، إنما هما عمل غيبي ، وتصرف إلهي . وعن الإمام الباقر ( ع ) : ( من عمل بما يعلم علمه الله ما لم يعلم ) [3] . ولكن شرط أن تتوفر النية الصادقة لقبول هذا الإيمان ، وعدم المقاومة له بتمحل المعاذير . 5 - على أن التعليم لا ينحصر بالكلمة وبالفعل الذي ترد فيه الاحتمالات . بل إن اجتراح المعجزات القاطعة الدلالة هو الآخر ينتهي بالناس إلى العلم ، ويضطرهم إليه ، بحيث تصبح حجتهم داحضة . ولا يجدون ثمة أي مهرب . 6 - على أن هناك هداية فطرية كالهداية للتوحيد ، ولكثير من الأمور التي تدركها الفطرة ، وهداية تكوينية وهداية عقلية . . فلا تنحصر سبل الهداية بالقول وبالفعل . . 7 - قد جعل هذا البعض اختلاف المسلمين في زمن النبي ناشئاً عن أن الكلمة والفعل لا تملك روحاً مطلقة تحميها من الاحتمال الآخر . . فهل يريد بذلك أن يعذر الذين اغتصبوا الخلافة من أمير المؤمنين ، واعتدوا على مقام سيدة النساء ؟ ! وضربوها وأخذوا فدكاً . . وما إلى ذلك ؟ ! باعتبار أن الكلام الذي ألقي إليهم ، قرآناً كان أو توجيهاً نبوياً ، لا يملك روحاً مطلقة تحميه من الاحتمال الآخر ! ! 8 - ولنا أن نلزم هذا البعض بما ألزم به نفسه ، فهل يقبل بأن نقول له : إن كلامه وفعله لا يملك روحاً مطلقة تحميه من الاحتمالات الأخرى . فكلامه يحتمل أن يكون
[1] سورة يونس ، الآية : 9 . [2] سورة محمد ، الآية : 17 . [3] البحار ج 75 ص 189 .