responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي    جلد : 1  صفحه : 358


397 - قد لا يكون خروج يونس تهرباً من المسؤولية .
يقول البعض :
" ولكن المراد هنا من كلمة ( نقدر ) المعنى الذي يلتقي بالتضييق ، أو بالتحديد كما في قوله تعالى : ( وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه ( ( الفجر : 16 ) وهكذا يكون معنى الآية ، إن هذا العبد الصالح خرج مغاضباً لقومه ، وهو يظن أنه قد ملك حريته ، بعد أن انتهت مهمته باستنفاد كل تجاربه في الدعوة إلى الله وعدم تجاوب قومه معه ، واستحقاقهم العذاب على ذلك ، وقرب نزوله عليهم ، فلم يفكر بالمرحلة الجديدة من عمله ، ولم ينتظر عودتهم إلى الإيمان من خلال التجربة الأخيرة التي قد تحقق نتائج كبيرة على هذا الصعيد ، وهي مسألة تهديدهم بالعذاب الذي ثبت - بعد ذلك - أنه كان الصدمة القوية التي أرجعتهم إلى عقولهم ، فانفتحت قلوبهم على الإيمان بالله وبرسالاته من جديد . كما حدثنا الله عن ذلك في آية أخرى .
لقد كانت لحظة انفعال تختزن الغضب لله ، ولكنها لم تنطلق للتفكير بالمستقبل في آفاق الدعوة إلى الله ، التي تعمل على أن تطل على الآفاق الواسعة من عقل الإنسان وروحه وقلبه لتنتظر منه انفتاحة إيمان ، ويقظة روح ، وخفقة قلب . . وفي هذا الجو كان خروجه السريع ، سرعة انفعالية في اتخاذ القرار ، وقد لا يكون ذلك تهرباً من المسؤولية ، وحباً للراحة ، وابتعاداً عن أثقال الرسالة ومشاكلها ، فربما كان الجو يتحرك في حالة شديدة من الحيرة والغم والحزن ، مما يريد معه أن يخرج من هذا الجو الخانق ليجد لنفسه ملجأً جديداً ، أو موقعاً آخر للدعوة ، أو لأي مشروع جديد ، في هذا الاتجاه ، وهو يظن أن الله لن يضيق عليه أمره ، في رزقه ، وفي حركته ، وجاءت النتيجة غير ما كان يتصوره أو ينتظره ، فالتقمه الحوت ، بعد أن وقعت القرعة عليه ، وعاش في ظلمات البحر ، وجوف الحوت ، وظلمات الهم والغم ، وانفتحت أمامه من جديد ، آفاق إيمانه الواسع ، فعاش روحيته مع الله في ابتهال وخشوع ، وبدأ يتذكر لطف الله به ورعايته ، وتكريمه إياه من خلال ما اختصه به من رسالته وما سهل له من سبل الحياة ، وهداه اليه من وسائلها ، وكيف خرج من دون أن يستأذن الله في ذلك ، أو ينتظر ما يحدث لقومه ، فانطلقت صرخته المثقلة بالهم الكبير الروحي والرسالي الذاتي ، من كل أعماقه ، في استغاثة عميقة بالله وحده لا سيما في مثل ظروفه التي لا يملك أحد فيها أن يقدم إليه شيئاً .
( فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت ( فلا ملجأ لأي هارب أو ضائع أو حائر إلا إليك ، ولا ملاذ إلا أنت ، فأنت القادر على كل شيء ، والرحيم لكل مخلوق ، والعليم بكل الخفايا والمهيمن على الأمر كله والغافر لكل ذنب ، والمستجيب لكل داع ، والمغيث

358

نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي    جلد : 1  صفحه : 358
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست